الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة من الآيتين: أن اللَّه تعالى شرع لمن أراد الانتقام لحقه المساواة دون تعدٍ وزيادة (1).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم؛ لما سبق من ذكر خلاف الجمهور.
[9/ 1] المسألة التاسعة: إذا سرق العبد الآبق فيجب عليه القطع
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف العبد لغة واصطلاحًا: العبد لغة: قال ابن فارس: "العين والباء والدال أصلانِ صحيحان، كأنَّهما متضادَّان، والأول من ذينك الأصلينِ يدلُّ على لِين وذُلّ، والآخر على شِدّة وغِلَظ. وقال ابن منظور: "العبد الإِنسان حرًّا كان أَو رقيقًا، يُذْهَبُ بذلك إِلى أَنه مربوب لباريه جل وعز. . . والعَبْدُ المملوك خلاف الحرّ" (2).
• العبد اصطلاحًا: العبد: هو الرقيق المملوك لغيره. والرِّق: هو عجز حكمي شُرع في الأصل جزاء عن الكفر (3). وبيان ذلك:
أما أنه عجز: فلأنه لا يملك ما يملكه الحر من الشهادة، والقضاء، وغيرهما.
وأما أنه حكمي: فلأن العبد قد يكون أقوى في الأعمال الحسيَّة من الحر.
أما كونه جزاء عن الكفر: فلأن أساس موجبه أن يُسبى الشخص -ذكرًا أو أنثى- وهو كافر (4).
ويسمى بالرقيق، والقِن، والمملوك.
(1) انظر: التمهيد (19/ 212).
(2)
لسان العرب، مادة:(عبد)، (3/ 273).
(3)
انظر: فتح القدير (8/ 283)، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (4/ 281)، أسنى المطالب (3/ 16).
(4)
انظر: التعريفات (48)، التوقيف على مهمات التعاريف (370)، القاموس الفقهي، حرف: الراء، (152).
• ثانيًا: تعريف الآبق: الآبق: قال الخليل: "الإِباق: ذهابُ العَبْد من غَيْر خَوْفٍ ولا كَدّ عَمَلٍ، والحكْمُ فيه أن يُرد، فإذا كان من كدِّ عَمَلٍ، أو خوفٍ، لم يُرَد"(1).
فيتحصل مما سبق أن العبد الآبق هو المملوك الذي هرب من سيده.
• ثالثًا: صورة المسألة: إذا أبق عبد من سيده، وفي إباقه سرق من سيده أو من غيره ما يجب فيه الحد، فإنه يقطع.
ويتحصل مما سبق أن العبد إن لم يكن آبقًا، أو كان آبقًا لكن سرقته كانت قبل إباقه، فذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "قال مالك: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قُطع.
قال أبو عمر: على هذا قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأصحابهم، والثوري، والأوزاعي، والليث (2)، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وداود، وجمهور أهل العلم اليوم بالأمصار، وإنما وقع الاختلاف فيه قديمًا، ثم انعقد الإجماع بعد ذلك" (3). وقال ابن رشد (595 هـ): "وأما السارق الذي يجب عليه حد السرقة فإنهم اتفقوا على أن من شرطه أن يكون مكلفًا، وسواء كان حرًا أو عبدًا، ذكرًا أو أنثى، أو مسلمًا أو ذميًا، إلا ما روي في الصدر الأول من
(1) العين للفراهيدي، باب: القاف والميم وياء معهما، (5/ 231)، وانظر: طلبة الطلبة للنسفي (91)، المطلع على أبواب الفقه (230).
(2)
هو أبو الحارث، الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، بالولاء، المحدث، الفقيه، كان كريمًا، جوادًا، قال الشافعي:"الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به"، مات سنة (175 هـ). انظر: وفيات الأعيان 4/ 127، التعديل والتجريح 2/ 615، طبقات الفقهاء للشيرازي 1/ 78.
(3)
الاستذكار (7/ 538).
الخلاف في قطع يد العبد الآبق إذا سرق وروي ذلك عن ابن عباس وعثمان ومروان وعمر بن عبد العزيز ولم يختلف فيه بعد العصر المتقدم" (1).
• مستند الإجماع: يدل على قطع السارق من سيده إذا سرق وقت إباقه ما يلي:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أمر بإقامة حد السرقة على السارق، وليس ثمة ما يدل على أخراج العبد الآبق، فبقي النص على عمومه (3).
2 -
أنه مروي عن ابن عمر رضي الله عنه حيث قال في العبد الآبق يسرق: "يُقطع"(4).
• المخالفون للإجماع: روي عن جماعة من السلف كعثمان بن عفان، وعائشة، وابن عباس، وسعيد بن العاص رضي الله عنهم، ومروان بن الحكم، وداود الظاهري، أن العبد الآبق إن سرق من سيده فإنه لا قطع (5).
• دليل المخالف: من أدلة القائلين بعدم قطع السارق الآبق إذا سرق من سيده:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ليس على العبد الآبق إذا سرق قطْع، ولا على الذمي)(6).
(1) بداية المجتهد (2/ 366).
(2)
سورة المائدة، آية (38).
(3)
انظر: مصنف عبد الرزاق (10/ 241)، أحكام القرآن لابن العربي (2/ 119).
(4)
أخرجه مالك في الموطأ (2/ 833)، وعبد الرزاق في المصنف (10/ 240)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 470 - 471).
(5)
انظر: الاستذكار (7/ 538 - 539)، مصنف ابن أبي شيبة (6/ 470 - 471)، سنن البيهقي الكبرى (8/ 268)، المغني (9/ 116).
(6)
أخرجه الدارقطني في سننه (3/ 86)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 268)، والحاكم في المستدرك (4/ 424)، قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، وقد تفرد بسنده موسى بن داود، وهو أحد الثقات ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في التلخيص:"على شرط البخاري ومسلم".