الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع متحقق بين أهل العلم؛ لخلاف بعض الحنابلة في المسألة.
[31/ 2] المسألة الحادية والثلاثون: الحرابة لا تكون إلا بالمحدد أو المثقَّل
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف المحدد والمثقل:
المحدد: هو ما كان له حد وسِن يخدش الجلد ويجرحه، كسكين ونحوه (1).
المثقل: هو ما كان يؤذي بسبب ثقله، كخشب، أو عصا كبيرة (2).
• ثانيًا: صورة المسألة: لو أقيمت دعوى الحرابة على شخص، فإن من شرط تحقق الحرابة أن يكون في حرابته حاملًا لسلاح محدد أو مثقل.
ويتبين من هذا أن السلاح إن كان غير مثقل كعصا صغيرة، أو حجارة صغيرة فذلك غير داخل في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: أشار ابن تيمية (728 هـ) إلى أن ثمة من نقل الإجماع فقال: "حكى بعضهم الإجماع على أن المحاربة تكون بالمحدد والمثقل"(3).
• مستند الإجماع: يدل على المسألة قول اللَّه تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا
(1) انظر: البحر الرائق (8/ 332)، شرح مختصر خليل (8/ 7)، تحفة المحتاج إلى شرح المنهاج (9/ 327)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (8/ 119).
(2)
انظر: البحر الرائق (8/ 332)، شرح مختصر خليل (8/ 7)، تحفة المحتاج إلى شرح المنهاج (9/ 327).
(3)
انظر: مجموع الفتاوى (28/ 316)، ويحتمل كلام شيخ الإصلام ابن تيمية معنيين:
أحدهما: أن من صور الحرابة أن يكون المحارب حاملًا لسلاح محدد أو مثقل.
الثاني: أن من شرط تحقق الحرابة حمل سلاح محدد أو مثقل.
فالصورة الأولى محل إجماع بين أهل العلم، وظاهر سياق شيخ الإسلام أن المراد الصورة الثانية، وهي التي جريت عليها في البحث.
وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)} (1).
• وجه الدلالة: أن اللَّه أوجب حد الحرابة لمن سعى في الأرض فسادًا، والسعي بالإفساد في الأرض يكون بإخافة المسلمين وقتلهم، وهذا غالبًا لا يكون إلا بحمل سلاح يؤثر في البدن، وهو ما كان محددًا أو مثقلًا.
• المخالفون للإجماع: المخالف في المسألة فريقان:
أحدهما: من لم يشترط حمل السلاح أصلًا، وبه قال ابن حزم (2)، وابن تيمية (3)، وحكاه المرداوي عن بعض الحنابلة (4).
الثاني: من اشترط حمل السلاح المحدد، أما المثقَّل فلا يقام به على صاحبه حد الحرابة، وهذا القول نسبه ابن تيمية لبعض الفقهاء (5).
وثمة رواية عند الحنفية أن السلاح المثقل إن كان داخل المصر نهارًا، فإنه لا يقام به على صاحبه حد الحرابة، أما إن كان خارج المصر، أو كان داخل المصر ليلًا فتحقق الحرابة سواء كان السلاح محددًا أو مثقلًا (6).
• دليل المخالف: أما عدم اشتراط حمل السلاح أصلًا فيدل عليه ما يلي:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من خرج على أمتى، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذى عهد عهده، فليس مني ولست منه)(7).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم عمَّم الحكم بكل من ضرب البر والفاجر، ولم يقيده بالسلاح أو عدمه (8).
(1) سورة المائدة، آية (33).
(2)
انظر: المحلى (12/ 282 - 283).
(3)
انظر: مجموع الفتاوى (28/ 316).
(4)
انظر: الإنصاف (10/ 291).
(5)
انظر: مجموع الفتاوى (28/ 316).
(6)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 239)، مجمع الأنهر وملتقى الأبحر (1/ 631).
(7)
مسلم (رقم: 1848).
(8)
المحلى (12/ 282 - 283).