الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نقل الإجماع على تحريم أموال الناس بغير حق فقال: "أجمعوا على تحريم أموال المسلمين ودمائهم إلا حيث أباحه اللَّه"(1)، ومعلوم أن ما يأخذه المحارب ليس مما أباحه اللَّه تعالى له، بدليل إيقاع العقوبة عليه.
• مستند الإجماع: المسألة ظاهرة من حيث الدليل لأنه أخذ للمال بغير حق، ونصوص الكتاب والسنة مستقرة في تحريم أخذ مال الغير بغير طيب نفس منه، فمن ذلك:
قول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29](2).
قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: "يعني تعالى ذكره بذلك: ولا يأكل بعضُكم مالَ بعض بالباطل، فجعل تعالى ذكره بذلك آكلَ مال أخيه بالباطل، كالآكل مالَ نفسه بالباطل"(4).
وسبق إباحة قتال من صال على المال لأخذه، مما يدل على أن ما أخذه الصائل حرام لا يحل له.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[13/ 2] المسألة الثالثة عشرة: الفساد في الأرض المقصود في قوله تعالى: أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا هم الذين يحاربون أهل دين اللَّه عز وجل
.
• المراد بالمسألة: المراد بالمسألة حصر معنى الفساد في الأرض المذكور في قول اللَّه عز وجل: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا
(1) الإجماع (126).
(2)
سورة النساء، آية (29).
(3)
سورة البقرة، آية (188).
(4)
تفسير ابن جرير (3/ 548).
قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (1)، على فعل أهل الحرابة.
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "قال عز وجل: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}، قال أبو عمر: معناه أو بغير فساد في الأرض، فدل على أن الفساد في الأرض وإن لم يكن قتلًا فهو كالقتل، والفساد المجتمع عليه هنا: قطع الطريق، وسلب المسلمين، وإخافة سبلهم"(2).
• المخالفون للإجماع: ذكر جماعة من أهل التأويل أقوالًا تخالف القول بأن المراد بالفساد في الآية أهل الحرابة دون غيرهم، حيث أن ثمة قولين آخرين: فقيل: المراد به الشرك. وبه قال مقاتل بن سليمان (3)(4).
وقيل: هو عام لكل إفساد في الأرض ومنه الحرابة. وإلى هذا ذهب البغوي حيث قال: " {أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ} يريد بغير نفس، وبغير فساد في الأرض من كفر، أو زنًا، أو قطع طريق، أو نحو ذلك"(5).
واختاره الرازي (6)، والشوكاني (7)، وجماعة كثيرة من المفسرين (8).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع بين أهل العلم، لوجود الخلاف فيها.
(1) سورة المائدة، آية (32).
(2)
الاستذكار (7/ 552 - 553).
(3)
هو أبو الحسن، مقاتل بن سليمان بن بشير، الأزدي بالولاء، البلخي، برع في التفسير، كان متروك الحديث، من كتبه:"التفسير الكبير"، و"الناسخ والمنسوخ"، مات سنة (150 هـ). سير أعلام النبلاء 7/ 210، شذرات الذهب 1/ 227.
(4)
انظر: تفسير مقاتل بن سليمان (1/ 296)، تفسير القرطبي (6/ 146).
(5)
معالم التنزيل (3/ 46).
(6)
مفاتيح الغيب (11/ 168).
(7)
انظر: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (2/ 48).
(8)
انظر: تفسير أبي السعود (3/ 29)، تفسير البيضاوي (2/ 319)، تفسير الخازن (2/ 43)، تفسير اللباب (7/ 298)، روح البيان (2/ 360)، تفسير المظهري (3/ 83)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن سعدي (32).