الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: أنه لا يُجزم بنسبة القول بفناء النار لهما.
الثاني: أن المسألة ليست من مسائل الأصول التي يضلل فيها المخالف ويُبَدَّع؛ إذ الخلاف فيها مأثور عن السلف، واللَّه تعالى أعلم.
[106/ 4] المسألة السادسة بعد المائة: من خالف في رفعة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وقدرهم فليس مسلمًا
.
• المراد بالمسألة: الأنبياء الذين اصطفاهم اللَّه تعالى لرسالاته هم خير البشرية، فليس لأحد أن يجعل أحدًا من الأولياء في مقام نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومن خالف في مكانة الأنبياء ورفعتهم عند اللَّه تعالى فقد كفر كفرًا مخرجًا من الملة.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "لا خلاف بين المسلمين في أن الأنبياء عليهم السلام أرفع قدرا ودرجة، وأتم فضيلة عند اللَّه عز وجل وأعلى كرامة من كل من دونهم، ومن خالف في هذا فليس مسلمًا"(1).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أن اللَّه تعالى قد أخبر عن رفعة أنبيائه، ووصفهم بكريم الأخلاق، كما سبق ذكره من الأدلة في المسألة السابقة، فمن خالف ذلك فقد كذب القرآن.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[107/ 4] المسألة السابعة بعد المائة: من جحد الزكاة ارتد
.
• المراد بالمسألة: من المسائل المقررة شرعًا أن الزكاة فرض، فمن أنكر ذلك وقال لا زكاة في الإسلام فذلك كفر مخرج من الملة، إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع.
(1) المحلى (1/ 45).
• من نقل الإجماع: قال الإمام أحمد (241 هـ) في حكم تارك الزكاة: "إن كان تركه لها جاحدًا لوجوبها، منكرًا لها، فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل كفرًا إجماعًا"(1). وقال الخطابي (388 هـ): ""من أنكر فرض الزكاة في هذا الزمان كان كافرًا بإجماع المسلمين" (2).
وقال ابن عبد البر (463 هـ): "من منعها -أي الزكاة- جاحدا لها فهي ردة بإجماع"(3). وقال القاضي عياض (544 هـ): "أجمع المسلمون على قتل الممتنع عن أداء الصلاة والزكاة، مكذبًا بهما"(4). وقال ابن الأثير (606 هـ): "من أنكر فرضية أحد أركان الإسلام كان كافرًا بالإجماع"(5)، ونقله عنه ابن منظور (6).
وقال النووي (676 هـ): "من أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافرًا بإجماع المسلمين"(7). وقال ابن تيمية (728 هـ): "من لم يعتقد وجوب الصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت العتيق. . . فهو كافر مرتد، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل باتفاق أئمة المسلمين"(8)، وقال ابن فرحون المالكي (799 هـ):"من جحد وجوب الزكاة فهو كافر باتفاق"(9).
وقال البهوتي (1051 هـ): "فإن جحد وجوبها، أي الزكاة، جهلًا به، ومثله يجهله، كقريب عهد بإسلام، أو نشوئه ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه وجوب الزكاة، عرف ذلك، أي وجوبها، ونهي عن المعاودة لجحد وجوبها لزوال عذره، فإن أصر على جحد الوجوب بعد أن عرف، أو كان عالمًا
(1) مسائل الإمام أحمد (2/ 50).
(2)
إكمال المعلم (1/ 181).
(3)
الاستذكار (3/ 217).
(4)
إكمال المعلم (1/ 181).
(5)
النهاية في غريب الأثر (4/ 187).
(6)
لسان العرب (5/ 144).
(7)
شرح النووي (1/ 205).
(8)
مجموع الفتاوى (35/ 105).
(9)
أصول الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام (2/ 191).
بوجوبها كفر إجماعًا" (1).
• مستند الإجماع: يدل على مسالة الباب أن وجوب الزكاة قد دل عليها صريح الكتاب والسنة والإجماع، فمن ذلك:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)} (2).
2 -
والآيات في هذا الباب كثيرة.
3 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: (إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم صدقة توخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين اللَّه حجاب)(4).
4 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لما توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على اللَّه)، فقال: واللَّه لأقاتلنَّ من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، واللَّه لو منعوني عناقًا
(1) كشاف القناع عن متن الإقناع (2/ 256).
(2)
سورة البقرة، آية (43).
(3)
سورة التوبة، آية (5).
(4)
البخاري (رقم: 1389)، مسلم (رقم: 19).
كانوا يؤدونها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها، قال عمر رضي الله عنه: فواللَّه ما هو إلا أن قد شرح اللَّه صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق" (1).
5 -
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على اللَّه)(2).
والأحاديث الدالة على وجوب الزكاة كثيرة جدًا.
5 -
إجماع أهل العلم على أن الزكاة واجبة.
وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم منهم: ابن حزم (3)، وابن قدامة (4)، والقرطبي (5)، والنووي (6).
كما أجمع الصحابة رضوان اللَّه تعالى على قتال مانعي الزكاة كما نقله ابن قدامة (7)، والنووي (8)، وابن تيمية (9)، وابن حجر (10)، وجماعة (11).
إذا تقرر هذا فإن من جحد وجوب الزكاة فإن قد رد صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
(1) البخاري (رقم: 1335)، مسلم (رقم: 20).
(2)
البخاري (رقم: 25).
(3)
انظر: المحلى (4/ 3).
(4)
انظر: المغني (2/ 228).
(5)
انظر: تفسير القرطبي (2/ 246).
(6)
انظر: المجموع (5/ 297).
(7)
انظر: المغني (2/ 228).
(8)
انظر: المجموع (5/ 308).
(9)
انظر: الفتاوى الكبرى (3/ 534).
(10)
انظر: فتح البارى (12/ 277).
(11)
انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 192)، عمدة القاري (8/ 238)، تحفة الأحوذي (7/ 283).