الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له"(1).
إلى غير ذلك من الأحاديث التي يطول المقام بحصرها.
9 -
انعقاد الإجماع على تحريمه، حيث نقله جمع من أهل العلم منهم ابن المنذر (2)، وابن حزم (3)، وابن عبد البر (4)، وابن قدامة (5)، والقرطبي (6)، والنووي (7)، وابن حجر (8).
فمن خالف هذه النصوص الصريحة واستباح الخمر فقد كذب كلام اللَّه تعالى ورسوله، وأتى بشرع غير شرع محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا كفر مخرج من الملة.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[101/ 4] المسألة الأولى بعد المائة: ظن السوء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام كُفر
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف ظن السوء: الظن: قال ابن فارس: "الظاء والنون أُصَيْل صحيحٌ يدلُّ على معنيينِ مختلفين: يقين، وشكّ"(9).
(1) أخرجه الترمذي (رقم: 1295)، وابن ماجه (رقم: 3381)، قال الترمذي:"هذا حديث غريب من حديث أنس، وقد روى نحو هذا عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وأخرجه الحاكم حديث ابن عباس في "المستدرك": (2/ 37): ثم قال: "حديث صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وقال ابن حجر في تلخيص الحبير (4/ 136):"رواته ثقات"، وصححه الألباني من حديث ابن عمر رضي الله عنه كما في إرواء الغليل (8/ 50).
(2)
انظر: الإجماع (111).
(3)
انظر: المحلى (368).
(4)
انظر: الاستذكار (5/ 290).
(5)
انظر: المغني (9/ 135).
(6)
انظر: تفسير القرطبي (3/ 360)، (6/ 289).
(7)
انظر: شرح النووي (11/ 217).
(8)
انظر: فتح الباري (10/ 66).
(9)
مقاييس اللغة (3/ 462).
قال الزبيدي: "الظَّن: التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد الغير الجازم"(1).
والحاصل أن الظن هو التردد بين أمرين، الراجح منهما يسمى ظنًا.
وقد يطلق الظن على اليقين (2)، ومنه قول اللَّه تعالى في صفة المؤمنين الخاشعين:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)} (3)، وقوله تعالى:{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28)} (4) أي أيقن الفراق (5).
السوء: قال الفيروزآبادي: "ساءه سوءًا وسواءً وسواءةً وسوايةً وسوائيةً ومساءةً ومسائيةً ومساية ومساء ومسائية: فعل به ما يكره فاستاء هو، والسُّوء -بالضم-: الاسم منه"(6).
(1) تاج العروس، مادة:(ظنن)، (35/ 365).
(2)
انظر: التعريفات (1/ 187)، الحدود الأنيقة (1/ 67).
قال العسكري في الفروق اللغوية:
- الفرق بين الشك والظن: أن الشك إستواء طرفي التجويز، والظن رجحان أحد طرفي التجويز، والشاك يجوز كون ما شك فيه على إحدى الصفتين؛ لأنه لا دليل هناك ولا أمارة، ولذلك كان الشاك لا يحتاج في طلب الشاك إلى الظن، والعلم وغالب الظن يطلبان بالنظر، وأصل الشك في العربية من قولك: شككت الشيء إذا جمعته بشيء تدخله فيه، والشك هو إجتماع شيئين في الضمير، ويجوز أن يقال الظن قوة المعنى في النفس من غير بلوغ حال الثقة الثابتة، وليس كذلك الشك الذي هو وقوف بين النقيضين من غير تقوية أحدهما على الآخر.
- الفرق بين الشك والظن والوهم: الشك: خلاف اليقين، وأصله اضطراب النفس، ثم استعمل في التردد بين الشيئين سواء استوى طرفاه، أو ترجح أحدهما على الآخر قال تعالى:{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} [يونس: 94]، أي غير مستيقن.
وقال الأصوليون: هو تردد الذهن بين أمرين على حد سواء، قالوا: التردد بين الطرفين إن كان على السواء فهو الشك، وإلا فالراجح ظن: والمرجوح وهم".
(3)
سورة البقرة، آية (46).
(4)
سورة القيامة، آية (26 - 28).
(5)
انظر: تفسير الطبري (24/ 76)، زاد المسير (8/ 423).
(6)
القاموس المحيط، فصل السين، (54).
ويطلق السوء على آفة ومرض، والمراد به هنا هو كل ما يغُم الإنسان، ويقبح (1).
• ثانيًا: صورة المسألة: من ظن بنبي من أنبياء اللَّه تعالى المجمع على نبوتهم سوءًا، كأن يظن فيه الكذب، أو خيانة الرسالة، أو أنه صاحب فواحش، أو غير ذلك، فإن ذلك كفر مخرج من الملة.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "اتفقوا أن من آمن باللَّه تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبكل ما أتى به عليه السلام مما نقل عنه نقل الكافة، أو شك في التوحيد أو في النبوة أو في محمد صلى الله عليه وسلم. . . . فإنه من جحد شيئًا مما ذكرنا، أو شك في شيء منه، ومات على ذلك، فإنه كافر مشرك، مخلد في النار أبدًا"(2)
وقال النووي (676 هـ): "ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع"(3) وقال العيني (855 هـ): "ظن السوء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام كفر بالإجماع"(4)
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أن اللَّه تعالى أثنى على أنبياءه في كتابه فتارة يجمل وتارة يفصل، ومن ذلك:
1 -
قول اللَّه تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75)} (5).
2 -
قول اللَّه تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)} (6).
3 -
قول اللَّه تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا
(1) انظر: تاج العروس، مادة:(سوأ)، (1/ 271)، المعجم الوسيط (1/ 460).
(2)
مراتب الإجماع (273).
(3)
شرح النووي (14/ 156).
(4)
عمدة القاري (11/ 152).
(5)
سورة الحج، آية (75).
(6)
سورة الأحزاب، آية (39).
وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87)} (1).
4 -
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (2).
5 -
قال تعالى في يوسف عليه الصلاة والسلام: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (3).
6 -
7 -
قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)} (5).
8 -
قال تعالى في أيوب: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)} (6).
9 -
قال تعالى في زكريا ويحيى عليهما السلام: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)} (7).
10 -
قال تعالى في يونس عليه السلام: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)} (8).
11 -
قال تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
(1) سورة الأنعام، آية (83 - 87).
(2)
سورة آل عمران، آية (33).
(3)
سورة يوسف، آية (24).
(4)
سورة ص، آية (45 - 48).
(5)
سورة ص، آية (30).
(6)
سورة ص، آية (44).
(7)
سورة آل عمران، آية (39).
(8)
سورة القلم، آية (50).