الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليهم القطع إذا بلغ المسروق نصابًا، ولو كان لو قسم عليهم لم يبلغ نصابًا لكل واحد، أما إن كان المسروق خفيفًا وخرج بها جميعهم مع القدرة على أن يخرج بها أحدهم، فهنا لا قطع إلا إذا كان المال لو قسم عليهم لبلغ لكل واحد منهم نصابًا (1).
• دليل المخالف: من أدلة المخالفين:
1 -
أن سرقة الجميع للمال المسروق تعتبر سرقة واحدة، فإذا توفرت فيها شروط السرقة وجب القطع، وهنا بلغ المسروق نصابًا فوجب القطع، وبه استدل الحنابلة (2).
2 -
قياسًا على ما لو اشترك جماعة في قطع يد شخص وانفرد كل واحد منهم بقطع جزء منها، فإنه لا قطع عليهم حينئذ، وإنما الدية، فكذا هنا لا قطع، وبه استدل المالكية (3).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل خلاف مشهور بين أهل العلم، وليست محل إجماع، أو حتى اتفاق بين المذاهب الأربعة، ولعل مراد ابن حجر نقل الاتفاق المذهبي عند الشافعية.
[6/ 1] المسألة السادسة: إن وُجدت العين المسروقة بذاتها لم تتغير، ولا غيَّرها السارق، ولا أحدث فيها عملًا، ولا باعها، فإنها ترد إلى المسروق منه
.
• المراد بالمسألة: لو سرق شخص من آخر عينًا، ثم وجد من سرق منه المال عين ماله، سواء قبل قطع يد السارق أو بعده، فهنا للمسروق منه أن يأخذ
(1) انظر: بدائع الصنائع (7/ 78)، تبيين الحقائق (3/ 214)، تحفة المحتاج (9/ 127)، حاشية الدسوقي للدسوقي (4/ 135)، المغني (9/ 120 - 121)، دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (3/ 36 - 37).
(2)
انظر: المغني (9/ 120 - 121)، دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (3/ 36 - 37).
(3)
انظر: حاشية الدسوقي (4/ 135)، المغني (9/ 120 - 121).
ماله، بشرط ألا يكون ماله قد تغير.
أما إن تغير المسروق بتلف، أو غيَّرها السارق، أو أحدث فيها عملًا، كأن يكون المسروق حديدًا أو نحاسًا ثم غيره السارق إلى أواني، أو كان قماشًا فخاطه السارق ثوبًا، أو حنطةً فطحنها، أو نحو ذلك، وكذا لو باعها السارق فإن لها حكمًا آخر غير مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "أجمعوا على أن السارق إذا قطع، أن المتاع يرد على المسروق منه"(1). وقال الماوردي (450 هـ)(2): "إذا كانت السرقة باقية فإنها ترد على مالكها وحكمها إذا كانت تالفة، ويقطع سارقها، وهو إجماع"(3).
وقال ابن حزم (456 هـ): "اتفقوا أنه إن وجدت السرقة بعينها لم تتغير، ولا غيَّرها السارق، ولا أحدث فيها عملًا، ولا باعها، أنها ترد إلى المسروق منه"(4).
وقال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمع الفقهاء على أن السرقة إذا وجدها صاحبها بعينها بيد السارق قبل أن يقطع، أو بعد ذلك كله أخَذَها، وأنها ماله، لا يزيل ملكها عنه قَطْعُ يد السارق"(5).
(1) الإجماع (110).
(2)
هو أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب البصري، الماوردي، الشافعي، ولي القضاء في بلدان شتى، ثم سكن ببغداد حتى توفي بها، له مصنفات كثيرة في الفقه والتفسير، وأصول الفقه والأدب، من كتبه:"الحاوي الكبير"، و"النكت" في التفسير، و"الأحكام السلطانية"، مات سنة (450 هـ). انظر: طبقات الشافعية 3/ 302 - 314، شذرات الذهب 3/ 258، الأعلام 5/ 146.
(3)
الحاوي الكبير (13/ 342).
(4)
مراتب الإجماع (222).
(5)
التمهيد (14/ 383)، ونقله كذلك في الاستذكار (7/ 554).
وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ)(1): "أجمعوا على أخذه منه إذا وجد بعينه"(2) ونقله عنه ابن المواق (3)(4). وقال الرازي (606 هـ): "لو كان المسروق باقيًا وجب ردُّه بالإجماع"(5). وقال ابن قدامة (620 هـ): "لا يختلف أهل العلم في وجوب رد العين المسروقة على مالكها إذا كانت باقية"(6).
وقال بهاء الدين المقدسي (624 هـ)(7): "لا يختلف أهل العلم في وجوب رد العين على مالكها إن كانت باقية"(8). وقال ابن القطان (628): "أجمعوا على أن السارق إذا وجب قطع يده فقطعت ووجد المتاع بيعنه عنده أن ذلك
(1) هو أبو الوليد، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي، المالكي، ويعرف بابن رشد الحفيد، عالم بالفقه والطب والمنطق والعلوم الرياضية والإلهية، ومال إلى علوم الحكماء، ولي قضاء قرطبة، من تصانيفه:"بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، و"الكليات في الطب"، وغيرها، ولد سنة (520) هـ، وتوفي سنة (595) ص. انظر: الأعلام للزركلي 5/ 318، سير أعلام البلاء 21/ 309، معجم المؤلفين 8/ 313.
(2)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 452).
(3)
هو أبو عبد اللَّه، محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري، الغرناطي، المالكي، فقيه، من علماء غرناطة في زمانه وأئمتها في زمانه، من كتبه:"التاج والإكليل شرح مختصر خليل"، و"سنن المهتدين في مقامات الدين"، مات سنة (897 هـ). انظر: الأعلام 7/ 154.
(4)
التاج والإكليل شرح مختصر خليل (8/ 426).
(5)
مفاتيح الغيب للرازي (11/ 178).
(6)
المغني (9/ 113).
(7)
هو أبو محمد، عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد، المقدسي، بهاء الدين، فقيه، حنبلي، من الزهاد، نسبته إلى بيت المقدس، كان يؤم بمسجد الحنابلة بنابلس، ثم انتقل إلى دمشق، وسمع بها وببغداد، وانصرف آخر عمره للحديث، من كتبه:"العدة شرح العمدة"، ولد سنة (555)، وتوفي بدمشق سنة (624 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 22/ 270، شذرات الذهب 5/ 113، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 170.
(8)
العدة شرح العمدة (2/ 182).
يجب على السارق للمسروق منه" (1) وقال ابن هبيرة (650 هـ): "اتفقوا على أنه إذا كانت العين المسروقة قائمة فإنه يجب ردها" (2) ونقله عنه ابن قاسم (3).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "لا يختلف أهل العلم في وجوب رد العين المسروقة على مالكها إذا كانت باقية"(4). وقال ابن القيم (751 هـ): "وأجمعوا على أن من شرط صحة توبته أداؤها إليه إذا كانت موجودة بعينها"(5).
وقال ابن الهمام (861 هـ): "ولا خلاف إن كان -أي المسروق- باقيًا أنه يرد على المالك، وكذا لو باعه أو وهبه"(6) ونقله عنه الزيلعي (7).
وقال ابن مفلح (884 هـ): "ترد العين المسروقة إلى مالكها بغير خلاف نعلمه إن كانت باقية"(8). وقال ابن ميارة (1072 هـ)(9): "أجمع أهل العلم على أن السلعة المسروقة إذا وجدت بعينها قائمة بيد السارق أنها ترد إلى صاحبها بإجماع"(10).
(1) الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان (2/ 259).
(2)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 209).
(3)
حاشية الروض المربع (7/ 372).
(4)
الشرح الكبير (10/ 298).
(5)
مدارج السالكين لابن القيم (1/ 365).
(6)
فتح القدير (5/ 143)، لكن في حكاية ابن الهمام نفي الخلاف فيما لو باعه نظر، إذ الخلاف فيه ثابت عن المالكية وغيرهم، إلا أن يكون مراد ابن الهمام نفي الخلاف في قول أبي حنيفة وأنه ليس له إلا رواية واحدة في المسألة.
(7)
تبيين الحقائق (3/ 232).
(8)
المبدع شرح المقنع (9/ 127).
(9)
هو أبو عبد اللَّه، محمد بن أحمد بن محمد الفاسي، المعروف بميارة، فقيه مالكي، من كتبه:"الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام"، و"الدر الثمين في شرح منظومة المرشد المعين"، ويُعرف بميارة الكبير، تمييزًا عن مختصر له، يسمى بـ "ميارة الصغير"، ولد سنة (999 هـ)، وتوفي سنة (1072 هـ). انظر: معجم المؤلفين 9/ 14، الأعلام 6/ 11.
(10)
الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام لابن ميارة (2/ 268).
وقال الخرشي (1101 هـ)(1): "إذا كان قائمًا بعينه وجب رده بإجماع"(2).
وقال علي العدوي (1189 هـ)(3): "إذا كان قائمًا بعينه وجب رده بإجماع"(4).
وقال الدسوقي (1230 هـ)(5): "المسروق إن كان موجودًا بعينه وجب رده لربه إجماعًا"(6). وقال المطيعي (1404 هـ)(7): "أجمعوا على أخذه منه إذا
(1) هو أبو عبد اللَّه، محمد بن عبد اللَّه الخرشي، المالكي، أو الخراشي، نسبة إلى قرية يقال لها:"أبو خراش"، من البحيرة بمصر، فقيه مجتهد، أول من تولى مشيخة الأزهر، من تصانيفه:"الشرح الكبير على متن خليل"، و"منتهى الرغبة فى حل ألفاظ النخبة"، ولد (1010 هـ)، وتوفي بالقاهرة سنة (1101 هـ). انظر: الإعلام 7/ 118، تاريخ الأزهر فى ألف عام لسنية قراعة 124، سلك الدرر فى أعيان القرن الثاني عشر للمرادي 4/ 62.
(2)
شرح مختصر خليل للخرشي (8/ 103).
(3)
هو أبو الحسن، علي بن أحمد بن مكرَّم الصعيدي العدوي، فقيه، مالكي، مصري، من مصنفاته:"حاشية على كفاية الطالب الرباني"، و"حاشية على رسالة ابن أبي زيد القيرواني"، ولد في بني عدي سنة (1112 هـ)، وتوفي بالقاهرة سنة (1189 هـ). انظر: شجرة النور الزكية 342، الإعلام 5/ 65، سلك الدرر للمرادي 3/ 206.
(4)
حاشية العدوي على شرح مختصر خليل (8/ 103)، وانظر: بلغة السالك لأقرب المسالك (4/ 488).
(5)
هو محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، نسبة إلى "دسوق" بمصر، مالكي، برع في الفقه واللغة، وأقام بالقاهرة، وكان من المدرسين بالأزهر، من كتبه:"الحدود الفقهية"، و"حاشية على مغني اللبيب"، و"حاشية على الشرح الكبير على مختصر خليل"، توفي بالقاهرة سنة (1230 هـ). انظر: الأعلام 6/ 242، معجم المؤلفين 9/ 292، شجرة النور الزكية 361.
(6)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 347).
(7)
هو محمد نجيب المطيعي، الشافعي، المصري، حفظ صحيح البخاري وهو ابن أربعة عشرة سنة، سُجن في مصر مرتين بعد الثورة الملكية، فذهب للسودان ودرَّس في جامعة أم درمان، ثم رحل للسعودية، وسكن جدة، وتولى إمامة مسجد فيها، حتى توفي سنة (1404 هـ).
ويُقال أن اسمه الحقيقي هو محمود إبراهيم الطوبي، وسبب تغيير اسمه هو أنه كان مطلوبًا لدى السلطات المصرية في عهد جمال عبد الناصر فغير اسمه ليأخذ جوازًا آخر، ويسافر به من مصر. -وحيث لم أجد له ترجمة في الكتب المعتمدة- فهذه الترجمة مأخوذة من: =
وجد بعينه" (1).
• مستند الإجماع: من الأدلة على رد العين المسروقة إلى صاحبها إذا وجدها بعينها:
1 -
عن سمرة بن جندب (2) رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به)(3).
= حفيده مسيرة عاطف المطيعي نقلًا من ملتقى أهل التأويل www.attaweel.com
ومشاركة عبيد اللَّه المنصوري في موقع ملتقى أهل الحديث www.ahlalhadeeth.com
(1)
المجموع (20/ 103).
(2)
هو أبو سليمان، سمرة بن جندب بن هلال بن حريج بن مرة بن حزن بن عمرو بن جابر بن خشين بن لأي بن عصيم بن فزارة الفزاري، صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، نزل البصرة، وكان زياد يستخلفه عليها إذا سار إلى الكوفة، وكان شديدًا على الخوارج، مات سنة (58 هـ)، ذلك أنه سقط في قدر مملوءة ماءً حارًا، كان يتعالج به من الباردة، فمات فيه. انظر: سير أعلام النبلاء 3/ 185، الإصابة في تمييز الصحابة 3/ 178، تهذيب التهذيب 4/ 236.
(3)
أخرجه أحمد (33/ 324)، وأبو داود (رقم: 3531)، والنسائي (رقم: 4681)، والحديث من رواية الحسن عن سمرة رضي الله عنه، وللحفاظ في سماعه منه، مذاهب:
فقيل: أنه سمع منه مطلقًا، وهو مذهب علي بن المديني، والحاكم، والبخاري، والترمذي.
والثاني: لم يسمع منه مطلقًا، وهو مذهب يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين، وشعبة، وابن حبان.
والثالث: أنها رواية كتاب لا سماع، ولم يسمع منه إلا حديث العقيقة وهو مذهب النسائي، واختاره ابن عساكر، والدارقطني، وابن سيرين، والبزار، وعبد الحق، ونسبه البيهقي لأكثر الحفاظ كما في سننه الكبرى (5/ 288).
قال الألباني في إرواء الغليل (5/ 198): "والراجح أنه سمع منه في الجملة، لكن الحسن مدلس فلا يحتج بحديثه إلا ما صرح فيه بالسماع"، والحسن لم يصرح هنا بالسماع، ولذا فإن الألباني يرى ضعف الحديث كما في "ضعيف الجامع الصغير" (846). انظر: سنن الدارقطني (1/ 336)، مسند البزار (15/ 399)، نصب الراية (1/ 89)، سنن الترمذي (7/ 313).
أما بقية إسناد الحديث فهم ثقات، كما قال الشوكاني في نيل الأوطار (5/ 285):"بقية الإسناد رجاله ثقات".