الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[108/ 4] المسألة الثامنة بعد المائة: من أنكر البعث فقد كفر
.
• المراد بالمسألة: مما تواترت به نصوص الشريعة، واتفقت عليه جميع الملل، بل هو أحد أركان الإيمان، أن اللَّه تعالى يبعث عباده يوم القيامة ليجازيهم على أعمالهم، فإما إلى الجنة، أو إلى النار، فمن أنكر ذلك فقد كفر كفرا مخرج من الملة.
• من نقل الإجماع: قال القاضي عياض (544 هـ): "من أنكر الجنة، أو النار، أو البعث، أو الحساب، أو القيامة: فهو كافر بإجماع؛ للنص عليه، وإجماع الأمة على صحة نقله متواترًا"(1). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمع المسلمون على أن من أنكر البعث بعد الموت فليس بمؤمن ولا مسلم، ولا ينفعه ما شهد به"(2). وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1206 هـ)(3): "جحد البعث كفر بالإجماع"(4).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أن نصوص الشريعة متواترة في تقرير بعث العباد يوم القيامة فمنها:
1 -
قول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ
(1) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 290)، ونقل العراقي في "طرح التثريب"(4/ 1) اتفاق جميع الملل على الإيمان البعث.
(2)
الاستذكار (7/ 339)، وانظر: التمهيد (9/ 116).
(3)
هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي، من بني تميم، نشأ في بيت علم، فأبوه وجده من علماء نجد الكبار، رحل إلى مكة والمدينة وغيرهما طلبًا للعلم، فبرع في شتى الفنون، كان شديد الذكاء، قوي الحفظ، أعلن جهارًا الدعوة إلى توحيد اللَّه ونبذ الشرك والأصنام والتوسل بالأموات، رشد من أزره الإمام محمد بن سعود، حتى قويت شوكته وذاع خبره، واتهمه معارضوه بأكذوبات عليه ليبعدوا الناس من دعوته، ولكن نصره اللَّه، ونصر دعوته، من كتبه:"كتاب التوحيد"، و"كشف الشبهات"، و"مختصر زاد المعاد"، ولد سنة (1115 هـ)، وتوفي سنة (1206 هـ). انظر: الأعلام 6/ 257، معجم المؤلف 10/ 269، مشاهير علماء نجد 1/ 16.
(4)
كشف الشبهات (104).
ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)} (1).
2 -
3 -
4 -
5 -
6 -
(1) سورة الحج، آية (5 - 7).
(2)
سورة الروم، آية (27).
(3)
سورة الأنبياء، آية (104).
(4)
سورة مريم، آية (66 - 70).
(5)
سورة يس، آية (77 - 79).
(6)
سورة الأحقاف، آية (33).
7 -
8 -
قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)} (2).
9 -
أخبر تعالى في آيات من كتابه أن إنكار البعث من أقوال الكافرين، فقال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67)} (3).
10 -
11 -
• وجه الدلالة من الآيات: الآيات صريحة في إثبات البعث، وأن إنكار البعث هو من قول الكافرين.
12 -
أحاديث السنة المتواترة في تقرير البعث، بل جعله النبي صلى الله عليه وسلم أحد أركان الإيمان كما في حديث جبريل المشهور من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزًا يومًا للناس، فأتاه جبريل فقال: ما الإيمان؟ قال: (الإيمان أن تؤمن باللَّه، وملائكته، وبلقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث)(6).
فإنكار البعث إنكار لأحد أركان الإيمان الستة، وهو إنكار لما بعده من الحشر، والحوض، والميزان، والصراط، والجنة، والنار، وغير ذلك من أمور الآخرة، وهذا بلا شك تكذيب لصريح القرآن والسنة، وصاحبه يكفر
(1) سورة فصلت، آية (39)،
(2)
سورة الزمر، آية (30 - 31).
(3)
سورة النحل، آية (67).
(4)
سورة الرعد، آية (6).
(5)
سورة التغابن، آية (7).
(6)
البخاري (رقم: 9 - 10)، وتفرد به مسلم من حديث عمر رضي الله عنه (رقم: 8).