الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشركين، أو المرتدين، وممن ذهب إلى ذلك الحسن، وعطاء، وعكرمة (1)(2).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة من حيث الجملة محل إجماع بين أهل العلم، لكن ثمة خلاف في عمومها، فالجمهور على العموم، وذهب طائفة إلى كونها خاصة بأهل الكفر.
[2/ 2] المسألة الثانية: حد الحرابة بالصلب والقطع من خلاف خاص بالمحارب، ولا يطبق على المرتد حد الحرابة
.
• صورة المسألة: أولًا: تعريف الصلب:
الصلب لغة: قال ابن فارس: "الصاد واللام والباء أصلان: أحدهما يدلُّ على الشدّة والقوّة، والآخر جنس من الوَدَك (3)، فالأوَّل: الصُّلب، وهو الشيء الشَّديد، وكذلك سُمِّيَ الظَّهر صُلْبًا لقوّته. . . وأما الأصل الآخر: فالصَّليب، وهو وَدَك العَظْم، يقال اصطَلَبَ الرجُل، إِذا جَمَع العظامَ فاستخرج وَدَكها ليأتدِم به"(4).
وقال ابن منظور: "الصَّلْبُ مصدر صَلَبَه يَصْلُبه صَلْبًا، وأَصله من الصَّلِيب، وهو الوَدَكُ. . . وبه سُمِّي المصْلُوب؛ لما يسيل من ودَكه، والصَّلْبُ هذه القِتْلة المعروفة، مشتق من ذلك؛ لأَن ودكه وصديده يسيل، وقد صَلَبه
(1) هو أبو عبد اللَّه، القرشي، مولاهم، المدني، أصله من البربر من المغرب، حافظ، مفسر، كان من أبرز تلاميذ ابن عباس، حدث عن جماعة من الصحابة كابن عباس، وعائشة، وأبي هريرة، وغيرهم، قال:"طلبتُ العلم أربعين سنة، وكنت أفتي بالباب، وابن عباس في الدار"، وقيل لسعيد بن جبير:"تعلَمُ أحدًا أعلم منك؟ قال: نعم، عكرمة"، روى له مسلم مقرونًا بغيره، واحتج به الباقون، مات سنة (107 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 5/ 12، تهذيب الكمال 20/ 264، مشاهير علماء الأمصار 82.
(2)
انظر: تفسير ابن جرير (10/ 243)، تفسير القرطبي (6/ 148)، تلخيص الحبير (4/ 198).
(3)
والمراد بالودك: دسم اللحم. انظر: لسان العرب، مادة:(ودك)، (10/ 509).
(4)
مقاييس اللغة (3/ 235).
يَصْلِبُه صَلْبًا" (1).
• الصلب اصطلاحًا: هو أن تُغرَز خشبة في الأرض، ثم يُربط عليها خشبة أخرى عرضًا فيضع من حكم عليه بالحد قدميه عليها، ويربط من أعلاها خشبة أخرى ويربط عليها يديه (2).
على خلاف بين الفقهاء فقيل: يُصلب حيًا، ثم يُقتل مصلوبًا بطعنه بحربة؛ وذلك لأن الصلب عقوبة، وإنما يعاقب الحي لا الميت، ولأنه جزاء على المحاربة، فيشرع في الحياة كسائر الجزاءات، وهو مذهب الحنفية (3)، والمالكية (4).
وقيل: يقتل أولًا ثم يُصلب بعد قتله؛ وذلك لأن اللَّه تعالى قدَّم ذكر القتل على ذكر الصلب، فيلتزم هذا الترتيب حيث اجتمعا، ولأن القتل إذا أُطلق في الشرع كان قتلًا بالسيف، ولأن في قتله بالصلب تعذيبًا له ومثلة، وقد نهى الشرع عن المثلة، وهو مذهب الشافعية (5)، والحنابلة (6).
• ثانيًا: صورة المسألة: أن اللَّه تعالى شرع في حد الحرابة أمورًا منها: الصلب، ومنها: القطع من خلاف، وهو قطع أحد اليدين مع أحد الرجلين، وهذا الحكم خاص بالمحارب، أما غيره فلا يأخذ هذا الحكم، ولو كان أشد منه في الجرم؛ كالمرتد مثلًا.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "لا خلاف بين أحد من الأمة
(1) لسان العرب، مادة:(صلب)، (1/ 526)، وانظر: العين، باب: الصاد واللام والباء معهما، (7/ 127).
(2)
انظر: درر الحكام (2/ 86).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 95)، تبيين الحقائق (5/ 74).
(4)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي (2/ 100)، حاشية الدسوقي (4/ 349).
(5)
انظر: أسنى المطالب (4/ 155)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (8/ 6).
(6)
انظر: المغني (9/ 126)، المبدع في شرح المقنع (9/ 147).