الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى ما يلي:
1 -
ما رواه الخمسة من حديث علي رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المجنون حتى يعقل)(1).
• وجه الدلالة: أن الحديث نص في أن المجنون غير مكلف، وأن من شرط التكليف العقل، فإذا عدم الشرط عدم المشروط، وعليه: فإن المجنون لا يؤاخذ بأقواله ولا أفعاله المتعلقة بالتكليف.
إذا تقرر هذا فإن قوله أو فعله لما يوجب الكفر غير معتبر في الحكم عليه، فيرجع إلى حكمه الأصلي قبل الجنون وهو أنه مسلم معصوم الدم، يحرم قتله، فإن قتله آخر فللأولياء حق المطالبة بالدم أو الدية.
2 -
أن الردة تفتقر إلى اعتقاد أونية، والمجنون لا يعتقد ما يقوله، بل لا يعقل ما يقوله فضلًا عن أن يعتقده.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[11/ 4] المسألة الحادية عشرة: من ارتد أثناء صومه فعليه القضاء
.
• المراد بالمسألة: إذا صام المسلم صيامًا واجبًا كرمضان، أو قضائه، أو صوم نذر، فارتد في أثناء صومه، فإن صيامه يبطل وعليه قضاء ذلك اليوم.
• من نقل الإجماع: قال ابن قدامة (620 هـ): "لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم، أنه يفسد صومه، وعليه قضاء ذلك
(1) أخرجه أحمد (2/ 245)، والترمذي (رقم: 1423)، وأبو داود (رقم: 4453)، من حديث علي رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد (41/ 224)، وأبو داود (رقم: 4398)، والنسائي (رقم 3432)، وابن ماجه، (رقم: 2041) من حديث عائشة رضي الله عنها.
اليوم إذا عاد إلى الإسلام، سواء أسلم في أثناء اليوم أو بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به، أو شكه فيما يكفر بالشك فيه، أو بالنطق بكلمة الكفر، مستهزئًا أو غير مستهزئ" (1). وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ):"ومن ارتد عن الإسلام أفطر بغير خلاف نعلمه، إذا ارتد في أثناء الصوم فعليه قضاء ذلك اليوم إذا عاد إلى الإسلام سواء أسلم في أثناء اليوم أو بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاد ما يكفر به أو شكه أو النطق بكلمة الكفر مستهزئًا أو غير مستهزئ"(2).
وقال النووي (676 هـ): "لو حاضت في بعض النهار أو ارتد: بطل صومهما بلا خلاف، وعليهما القضاء"(3). وقال ابن مفلح (763 هـ): "الردة تمنع صحة الصوم إجماعًا"(4).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)} (5).
2 -
أن الصوم عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة، كالصلاة والحج.
3 -
أن الصيام عبادة محضة، فنفاها الكفر، كالصلاة (6).
• المخالفون للإجماع: ذهب الحنفية إلى من ارتد أول النهار ثم أسلم قبل الزوال فصيامه صحيح (7).
وثمة وجه عند الشافعية أن من ارتد أثناء صومه ثم عاد للإسلام فصيامه صحيح وليس عليه قضاء ذلك اليوم (8).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين
(1) المغني (3/ 24).
(2)
الشرح الكبير (3/ 29).
(3)
المجموع (6/ 385).
(4)
الفروع (3/ 24).
(5)
سورة الزمر، آية (65).
(6)
انظر: المغني (3/ 24).
(7)
انظر: البحر الرائق (2/ 280)، الفتاوى الهندية (1/ 196).
(8)
انظر: تحفة المحتاج في شرح المنهاج (3/ 413).