الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
من النظر: أن الماء مما لا يتمول عادة (1).
• المخالفون للإجماع: ذهب جماعة من أهل العلم القطع بسرقة الماء إذا بلغ النصاب، وهو مذهب المالكية (2)، والشافعية (3)، ووجه عند الحنابلة، وقيل رواية، حكاهما المرداوي في "الإنصاف" فقال:"لا يقطع بسرقة الماء على الصحيح من المذهب. . . وقال ابن عقيل (4): يقطع، وقدمه في الرعايتين، وجزم به ابن هبيرة، قاله في تصحيح المحرر، وأطلقهما في المحرر، والحاوي الصغير، وقال في الروضة: إن لم يتمول عادة كماءٍ وكلأ محرز، فلا قطع في إحدى الروايتين"(5).
النتيجة:
ظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف فيه عن المالكية، والشافعية، ووجه عند الحنابلة، ولذا فإن ابن قدامة عندما ذكر المسألة لم ينقل إجماعًا أو اتفاقًا، ولا نفى الخلاف المطلق، وإنما نفى علمه من الخلاف، وهذا مقام فاضل لأهل العلم، لا يحسنه كل أحد، واللَّه ولي التوفيق.
[67/ 1] المسألة السابعة والستون: من سرق الطير فلا قطع عليه
.
• المراد بالمسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب القطع، وكان المسروق طيرًا، أخذه من حرزه، فإن الحد لا يقام حينئذ.
(1) انظر: المغني (9/ 97)، الشرح الكبير (10/ 245).
(2)
انظر: المدونة (4/ 536).
(3)
انظر: أسنى المطالب (4/ 141).
(4)
هو أبو الوفاء، علي بن عقيل بن محمد، شيخ الحنابلة ببغداد في وقته، من تلاميذ القاضي أبي يعلى، اشتغل في حداثته بمذاهب المعتزلة، ثم أظهر التوبة، كان يجتمع بعلماء من كل مذهب فلهذا برز على أقرانه، من تصانيفه:"الفنون"، و"الواضح"، و"الفصول"، ولد سنة (431 هـ)، وتوفي سنة (513 هـ). انظر: البداية والنهاية 12/ 184، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 171، الأعلام 5/ 129.
(5)
الإنصاف (10/ 256).
ويتبين من هذا أن الطير لو لم يكن محرزًا كأن يكون خرج للطيران، وفي أثناء ذلك أخذه السارق فإن ذلك مسألة أخرى.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "نظرنا من احتج يقول من لم ير القطع فيه -أي الطير-، فوجدناهم يقولون: إن إبطال القطع فيه قد روي عن عثمان بن عفان، ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة"(1). وقال الكاساني (587 هـ): "روي عن سيدنا عثمان، وسيدنا علي رضي الله عنهما أنهما قال: "لا قطع في الطير" ولم ينقل عن غيرهما خلاف ذلك، فيكون إجماعًا"(2).
• مستند الإجماع: استدل أصحاب هذا القول لقولهم بأدلة من الأثر والنظر: فمن الأثر:
1 -
ما أخرجه ابن أبي شيبة: "أن عمر بن عبد العزيز أتي برجل سرق طيرًا، فاستفتى في ذلك السائب بن يزيد، فقال: ما رأيت أحدًا قطع في الطير، وما عليه في ذلك قطع، فتركه عمر بن عبد العزيز ولم يقطعه"(3).
2 -
أنه مروي عن جماعة من الصحابة كعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي الدرداء (4) (5). وروي مرفوعًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا قطع في الطير"، لكنه لا يصح (6).
(1) المحلى (12/ 320).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 68).
(3)
مصنف ابن أبي شيبة (6/ 529 - 530)، المحلى (2/ 319).
(4)
اختلف في اسمه فقيل: عويمر، وقيل: عامر وعويمر لقب، واختلف في اسم أبيه فقيل: عامر، أو مالك، أو ثعلبة، أو عبد اللَّه، أو زيد، ابن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، أسلم يوم بدر، وشهد أحدًا وأبلى فيها، ولَّاه معاوية قضاء دمشق في خلافة عمر، مات سنة (32) هـ. انظر: الاستيعاب 4/ 1646، التاريخ الكبير 7/ 76، الإصابة 4/ 747.
(5)
انظر: مصنف ابن أبي شيبة (6/ 529 - 530)، المحلى (2/ 319)، نصب الراية (3/ 361).
(6)
انظر: نصب الراية (3/ 360).