الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[91/ 1] المسألة الحادية والتسعون: حد السارق قطع يده اليمنى
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، وكانت يده اليمنى صحيحة غير شلاء، ولا ناقصة، وكان سليم اليد اليسرى، والرجل اليمنى، ولم يكن السارق أعسرًا، فإن صفة إقامة الحد عليه أن تقطع يده اليمنى، وذلك على سبيل الوجوب.
ويتحصل مما سبق أن اليد اليمنى لو كانت شلاء، أو ناقصة، فإن ذلك غير مراد في مسألة الباب، وكذا لو كانت يده اليسرى شلاء أو ناقصة، أو كانت رجله اليمنى كذلك، أو كان أعسرًا، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال الجصاص (370 هـ): "لم تختلف الأمة في أن اليد المقطوعة بأول سرقة هي اليمين"(1). وقال القاضي أبو محمد (430 هـ): "لا خلاف أنه أول ما يقطع يمنى يديه، ثم يسرى رجليه"، نقله عنه أبو الوليد الباجي (2).
وقال ابن حزم (456 هـ): "واتفقوا أن من سرق فقطعت يده اليمنى أنه قد أقيم عليه الحد"(3). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "اختلف العلماء من السلف والخلف فيما يقطع من السارق إذا قطعت يده اليمنى بسرقة يسرقها، ثم عاد فسرق أخرى، بعد إجماعهم أن اليد اليمنى هي التي تقطع منه أولًا"(4).
وقال البغوي (510 هـ): "اتفق أهل العلم على أن السارق إذا سرق أول مرة تقطع يده اليمنى"(5)، نقله القاري (6). وقال ابن هبيرة (560 هـ):"أجمعوا على أن السارق إذا وجب عليه القطع، وكان ذلك أول سرقة وهو صحيح الأطراف فإنه يبدأ بقطع يده اليمنى من مفصل الكف"(7).
(1) أحكام القرآن (2/ 583).
(2)
المنتقى شرح الموطأ (7/ 167).
(3)
مراتب الإجماع (221)، باختصار يسير.
(4)
الاستذكار (7/ 546).
(5)
شرح السنة (10/ 326).
(6)
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 171).
(7)
الإفصاح (2/ 213).
وقال ابن قدامة (620 هـ): "لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى"(1) وقال القرطبي (671 هـ): "لا خلاف أن اليمنى هي التي تقطع أولًا"(2). وقال النووي (676 هـ): "أجمعوا على أنه إذا سرق أولًا قطعت يده اليمنى"(3).
وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى"(4). وقال ابن تيمية (728 هـ): "أما السارق فيجب قطع يده اليمنى بالكتاب، والسنة، والإجماع"(5).
وقال ابن كثير (774 هـ) في بيان قراءة ابن مسعود لآية السرقة: "عن عامر بن شراحيل الشعبي أن ابن مسعود كان يقرؤها: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما"، وهذه قراءة شاذة، وإن كان الحكم عند جميع العلماء موافقًا لها"(6).
وقال ابن حجر (852 هـ): "أطلق في الآية اليد وأجمعوا على أن المراد اليمنى إن كانت موجودة"(7).
وقال ابن مفلح المقدسي (884 هـ): "وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل الكف بلا خلاف، وفي قراءة ابن مسعود: (فاقطعوا أيمانهما) روي عن أبي بكر وعمر أنهما قالا: إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من الكوع، ولا مخالف لهما في الصحابة"(8). وقال الخطيب الشربيني (977 هـ): "قُطع يمينه: أي يده اليمني أولًا، وإن كان أعسر، بالإجماع"(9). وقال البهوتي (1051 هـ): "إذا وجب القطع قطعت يده اليمنى لقراءة ابن مسعود "فاقطعوا أيمانهما". . .
(1) المغني (19/ 105).
(2)
تفسير القرطبي (6/ 172).
(3)
شرح النووي (11/ 185).
(4)
الشرح الكبير (10/ 291).
(5)
مجموع الفتاوى (28/ 329).
(6)
تفسير ابن كثير (2/ 107).
(7)
فتح الباري (12/ 97).
(8)
المبدع شرح المقنع (9/ 140).
(9)
مغني المحتاج (5/ 494).
ولأنه قول أبي بكر وعمر ولا مخالف لهما من الصحابة" (1).
وقال الصنعاني (1099 هـ): "الواجب قطع اليمين في السرقة الأولى إجماعًا"(2). وقال الخرشي (1101 هـ): "السارق المكلف مسلمًا كان أو كافرًا، حرًا كان أو رقيقًا، ذكرا كان، أو أنثى، إذا سرق، ويمينه صحيحة، فإنها تقطع من كوعها إجماعًا"(3).
وقال الرحيباني (1243 هـ)(4): "إذا أوجب القطع قطعت يده اليمنى؛ لقراءة ابن مسعود: "فاقطعوا أيمانهما". . . ولأنه قول أبي بكر وعمر ولا مخالف لهما من الصحابة"(5).
وقال الجزيري (1360 هـ): "اتفق الأئمة رحمهم اللَّه تعالى- على أن السارق إذا وجب عليه القطع وكان ذلك أول سرقة له، وأول حد يقام عليه بالسرقة وكان صحيح الأطراف فإنه يبدأ بقطع يده اليمنى من مفصل الكف"(6).
• مستند الإجماع: احتجوا في ذلك بما يلي:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (7). حيث كان ابن مسعود يقرأها: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما"(8).
(1) دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (3/ 378)، وانظر: حاشية الروض المربع (7/ 373).
(2)
سبل السلام (2/ 440).
(3)
شرح مختصر خليل (8/ 92).
(4)
هو مصطفى بن سعد بن عبده، السيوطي شهرة، الرحيباني -مولدًا-، ثم الدمشقي، فقيه، فرضي، كان مفتي الحنابلة بدمشق، ولي فتوى الحنابلة سنة 1212 هـ، وتوفى بدمشق، من تصانيفه:"مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى"، و"تحفة العباد فيما في اليوم والليلة من الأوراد"، و"تحريرات وفتاوى"، ولد سنة (1160 هـ)، وتوفي بدمشق سنة (1243 هـ). انظر: الأعلام 7/ 234، معجم المؤلفين 12/ 254.
(5)
مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (3/ 379).
(6)
الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 159)
(7)
سورة المائدة، آية (38).
(8)
انظر: تفسير ابن جرير (10/ 294)، تفسير ابن كثير (2/ 107).
• وجه الدلالة: أن هذه القراءة إما أن تكون صحيحة فتكون من كلام اللَّه سبحانه، وإما حيث أن تكون شاذة فتكون من كلام ابن مسعود رضي الله عنه، وهي من باب التفسير الذي لا يقال بمجرد الرأي.
2 -
ما روي عن أبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما أنهما قالا: "إذا سرق السارق فاقطعوا يده من الكوع"، ولا مخالف لهما في الصحابة (1).
3 -
من النظر:
أ - أن البطش باليمين أقوى عند غالب الناس، فكانت البداية بها أردع.
ب - أن اليمنى هي آلة السرقة غالبًا، فناسب عقوبته بإعدامها (2).
• المخالفون للإجماع: ذهب ابن حزم إلى أن قطع اليمين ليس بواجب، فيباح قطع اليمين أو الشمال، لكن يستحب أن تكون اليمين، وليس ذلك على سبيل الوجواب (3).
وكذا ظاهر كلام قتادة في أن قطع الشمال مجزئ مطلقًا، يقتضى أنه لا يتحتم قطع اليمين (4).
• دليل المخالف: استدل المخالف بما يلي:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (5).
• وجه الدلالة: أن الآية عامة، ولم تحدد يمينًا من شمال.
2 -
أخرج ابن حزم عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنه قال: "سرق سارق بالعراق في زمان علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقدم ليقطع يده، فقدم السارق يده اليسرى -ولم يشعروا- فقطعت، فأخبر علي بن أبي طالب خبره،
(1) قال ابن الملقن في "البدر المنير"(8/ 685): "هذا غريب عنهما"، وقال ابن حجر في "تلخيص الحبير" (4/ 132):"لم أجده عنهما".
(2)
انظر: المغني (9/ 106).
(3)
المحلى (12/ 355 - 356).
(4)
انظر: فتح الباري (12/ 99).
(5)
سورة المائدة، آية (38).