الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن النظر:
أ- لأن الطير مباح الأصل، غير مرغوب فيه، ولا يتم إحرازه في الناس عادة.
ب- لأن فعل السارق اصطياد من وجه، والاصطياد مباح (1).
• المخالفون للإجماع: ذهب أبو يوسف إلى وجوب الحد (2). ونسبه ابن حزم إلى مالك والشافعي إذا سُرق من حرز (3).
وبه قال ابن شهاب الزهري، كما نقله ابن حزم فقال:"وعن ابن شهاب أنه قال: إنما السرقة فيما أحصن، فما كان محصنًا في دار، أو حرز، أو حائط، أو مربوط، فاحتل رباطه فذهب به، فتلك من السرقة التي يقطع فيها، قال: فمن سرق طيرًا من حرز له معلق، فعليه ما على السارق"(4). وثمة قول آخر محصله وجوب الحد ولو سُرق من غير حرز، وهو اختيار ابن حزم (5).
• دليل المخالف: أن الطير مال متقوَّم شرعًا، فالأصل وجوب القطع بسرقته، حتى يرد دليل على المنع، ولا دليل (6).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لثبوت المخالف.
[68/ 1] المسألة الثامنة والستون: من قلع شيئًا من البقول القائمة والشجر القائمة فلا قطع على سارقها
.
• المراد بالمسألة: تعريف البقل والشجر: البقل في اللغة يستعمل بمعنى الظهور، يقال: بقل فلان إذا ظهرت لحيته (7).
والبقل المراد به هنا: هو كل نبات اخضرت به الارض، وقيل: هو كل
(1) انظر: تبيين الحقائق (3/ 215).
(2)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 215).
(3)
انظر: المحلى (12/ 319).
(4)
المحلى (12/ 301).
(5)
المحلى (12/ 301).
(6)
المحلى (12/ 301).
(7)
انظر: لسان العرب، مادة:(بقل)، (11/ 60).
عشب ينبت من بذر، وقيل: منابتة في أول ما تنبت فهو البقل، مفرده: بَقْلة، وجمعه: وبُقول (1).
أما الشجر: فقال ابن منظور: "الشَّجَرَة الواحدة تجمع على الشَّجَر، والشَّجَرَات، والأَشْجارِ. . . والشَّجَر من النبات ما قام على ساق، وقيل: الشَّجَر كل ما سما بنفسه دَقَّ أَو جلَّ، قاوَمَ الشِّتاءَ أَو عَجَزَ عنه، والواحدة من كل ذلك: شَجَرَة"(2).
• صورة المسألة: من سرق شيئًا من البقول أو الشجر القائمة من بستان غير محرز، فإنه لا قطع.
ويتبين من هذا أن الشجر أو البقول إن كانت قد قُلعت ووضعت في الأرض، وكذا إن كانت قائمة في الدار أو ما هو حرز عادة، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن عبد البر (463 هـ): "لم يختلفوا في من قلع شيئًا من البقول القائمة والشجر القائمة أنه لا قطع على سارقها"(3).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
1 -
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن الثمر المعلق؟ فقال: إما أصاب من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق شيئًا منه بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع، ومن سرق دون ذلك
(1) انظر: العين، باب: القاف واللام والباء، (5/ 196)، مختصر مختار الصحاح، مادة:(بقل)، (73)، معجم لغة الفقهاء (109).
(2)
لسان العرب، مادة:(شجر)، (4/ 394).
(3)
الاستذكار (7/ 563).
فعليه غرامة مثليه والعقوبة) (1).
2 -
من النظر:
أ- لأن الشجر أو البقول القائمة في البستان لا تعتبر محرزة.
ب- أن أصل النخلة أو الشجرة مما لا يتمول، فأشبه سرقة التافه، والتافه لا قطع فيه إجماعًا (2).
• المخالفون للإجماع: خالف الظاهرية في مسألة الباب فذهبوا إلى أن من سرق شيئًا من البقول أو الشجر القائمة فعليه القطع (3).
• دليل المخالف: استدل القائلون بوجوب القطع بأن الأصل قطع من سرق خفية، ولا دليل على منع قطع من سرق الشجر أو البقول القائمة، فيبقى الحكم على الأصل (4).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لثبوت خلاف ابن حزم.
وإن كان ظاهر سياق كلام ابن عبد البر أنه أراد نفي الخلاف في مذهبه -
(1) أخرجه أحمد (11/ 273)، والترمذي (رقم: 1289)، وأبو داود (رقم: 4390)، والنسائي (رقم: 4958)
(2)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 69)، وقد حكى ابن المرتضى الإجماع على أنه لا قطع في التافه فقال في كتابه "البحر الزخاز" (6/ 176):"لا قطع في التافه إجماعًا، كبصلة وقشرة بيضة ومدة قلم لاستحقاره".
ويدل عليه قول عائشة رضي الله عنها: "أن يد السارق لم تكن تقطع في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الشيء التافه" أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 466)، المحلى لابن حزم (12/ 347)، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى (8/ 255)، وابن أبي شيبة أيضا (6/ 466) من كلام عروة بن الزبير، وهو الذي اختاره البيهقي أنه من كلام عروة، بينما اختار ابن حزم وصله وأنه من كلام عائشة رضي الله عنها، واللَّه تعالى أعلم.
(3)
انظر: المحلى (12/ 317 - 318).
(4)
انظر: المحلى (12/ 317 - 318).