الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليمنى فقط، ومحصل هذا القول أن اليد اليمنى إن عدمت فإنه لا قطع، وسيأتي تحقيق الكلام في ذلك بأن هذا النقل عن عطاء ليس بمحقق، والصواب ما حققه ابن حزم أن عطاء مع جمهور أهل العلم في أن من سرق ثانية فعليه القطع ثانية، وعليه فلا يكون مخالفًا في مسألة الباب (1).
[95/ 1] المسألة الخامسة والتسعون: قَطْعُ الرِّجْل في حد السرقة يكون من مفصل الكعب
.
• المراد بالمسألة: إذا ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، ووجب فيها قطع الرجل، لكونها السرقة الثانية، أو لغير ذلك من الأسباب، فإن قطع الرِّجل يكون من مفصل الكعب.
• من نقل الإجماع: قال ابن هبيرة (560 هـ): "أجمعوا على أنه إذا عاد فسرق ثانيًا ووجب عليه القطع أن تقطع رجله اليسرى، وأنها تقطع من مفصل الكعب"(2).
• مستند الإجماع:
1 -
من الأثر: أنه مروي عن جماعة من الصحابة كعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم (3).
2 -
من النظر: أنه أحد العضوبن المقطوعين في السرقة، فيقطع من المفصل كاليد (4).
• المخالفون للإجماع: حكي عن أبي ثور أن الواجب هو قطع الرِّجل معقد لشراك، من نصف القدم (5).
وذهب ربيعة، وابن حزم، وبعض أصحاب داود إلى أن من سرق ثانية
(1) انظر: المسألة الآتية الخامسة والتسعون تحت عنوان: "قطْعُ الرِّجْل في حد السرقة يكون من مفصل الكعب".
(2)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 213).
(3)
انظر: المحلى (12/ 70).
(4)
انظر: المغني (9/ 106).
(5)
انظر: المغني (9/ 106).
فالواجب قطع يده الثانية، ولا تُقطع الأرجل في السّرقة (1)، وهذا الرأي نقله ابن عبد البر عن عطاء بن أبي رباح (2).
• دليل المخالف: أما من قال بأن القطع يكون من نصف القدم من معقد الشراك فاستدل بما يلي:
1 -
أنه مروي عن علي رضي الله عنه (3).
2 -
من النظر: أن القطع من نصف القدم يدعُ للسارق شيئًا يمشي عليه، فلا تتعطل رجله بالكلية.
وأما من ذهب إلى إن الرِّجل لا تقطع في السرقة مُطلقًا، فدليله قول اللَّه تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (4).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أمر بقطع اليد، ولم يأمر بقطع الرجل، وكذا جميع نصوص السنة إنما دلت على قطع اليد، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في قطع الأرجل.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لخلاف أبي ثور، وربيعة، وابن حزم، وبعض أصحاب داود، ولذا لمَّا ساق ابن بطال المسألة ذكرها مسألة خلاف، ونسب القول بالقطع لأكثر الفقهاء ولم يجعله إجماعًا، حيث قال:"واختلفوا في اليد والرجل من أين يُقطعان؟ فروي عن عمر وعثمان وعلي أنهم قالوا: من المفصل، وعليه أكثر الفقهاء"(5).
(1) انظر: المحلى (12/ 351 - 352)، البحر الزخار (6/ 187).
(2)
الاستذكار (7/ 546).
(3)
المحلى (12/ 70)، وضعفه الشافعي كما في الأم (6/ 143).
(4)
سورة المائدة، آية (38).
(5)
شرح صحيح البخاري لابن بطال (8/ 413).