الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبكل ما أتى به عليه السلام مما نقل عنه نقل الكافة، أو شك في التوحيد. . . أو في حرف مما أتى به عليه السلام أو في شريعة أتى بها عليه السلام مما نقل عنه نقل كافة، فإن من جحد شيئًا مما ذكرنا، أو شك في شيء منه، ومات على ذلك، فإنه كافر مشرك، مخلد في النار أبدًا" (1).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب: قول اللَّه تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} (2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا عن وحي منه تعالى، قال ابن كثير في تفسيره:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} أي: ما يقول قولا عن هوى وغرض، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} أي: إنما يقول ما أمر به، يبلغه إلى الناس كاملًا موفَّرًا من غير زيادة ولا نقصان" (3)، فتكذيب حرف مما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم تكذيب لما أوحي إليه، وهو تكذيب للَّه تعالى، وطريق لتكذيب الشرع أيضًا، وكفى به كفرًا.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[66/ 4] المسألة السادسة والستون: من جحد أو شك في شريعة أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم مما نقل عنه نقل كافة فإنه كفر
.
• المراد بالمسألة: هذه المسألة داخلة ضمنًا في المسألة التي قبلها، إلا أن المسألة السابقة خاصة بإنكار شيء من أقواله صلى الله عليه وسلم، وهذه المسألة فيها عموم من جهة أن فيها إنكار لشريعة شرعها النبي صلى الله عليه وسلم، سواء بقول أو فعل أو تقرير.
فإن من الشرائع ما لم يرد فيها نص حرفي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، لكن ثبتت
(1) مراتب الإجماع (273).
(2)
سورة النجم، آية (3 - 4).
(3)
تفسير ابن كثير (7/ 443).
الشريعة من فعله عليه الصلاة والسلام، كتشريع صلاة الظهر أو العصر بأربع ركعات مثلًا، فليس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الظهر أو العصر أربعًا، وأن الزيادة أو النقصان عن ذلك لا يصح، لكن هذا مما ثبت بفعله عليه الصلاة والسلام، فكان يصلي أربعًا، ولما صلى مرة خمسًا سجد للسهو، وكذا صلى مرة ركعتين ثم سلم، فلما علم بذلك قام فأتم أربعًا وسجد للسهو، فعلمنا من كل ذلك أن الصلاة أربعًا لا تصح الزيادة عليه ولا النقصان.
فمن شك في شريعة أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم، أو جحدها، وقد صح بها الخبر متواترًا بنقل الجماعة عن الجماعة، كالصلاة، أو الزكاة، أو رجم الزاني، أو قطع يد السارق، أو غير ذلك من الشرائع، فإنه يكفر كفرًا مخرجًا من الملة، إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع.
ويتحصل مما سبق أن إنكار الشريعة المعينة، أو الشك فيها إن كان مبناها على أن الحديث لم يصح، أو في صحته تردد فإن ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم: (456 هـ)"اتفقوا أن من آمن باللَّه تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبكل ما أتى به عليه السلام مما نقل عنه نقل الكافة، أو شك في التوحيد. . . أو في شريعة أتى بها عليه السلام مما نُقل عنه نقل كافر، فإن من جحد شيئًا مما ذكرنا، أو شك في شيء منه، ومات على ذلك، فإنه كافر مشرك، مخلد في النار أبدًا"(1).
• مستند الإجماع: يدل على المسألة أن تكذيب شريعة أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم تكذيب للقرآن، ولصريح السنة، وهو طريق لإنكار الشرع.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
(1) مراتب الإجماع (273).