الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[14/ 3] المسألة الرابعة عشرة: الممتنع عن شعائر الإسلام يقاتل
.
• المراد بالمسألة: لو وجدت طائفة من أهل بلد أو محلة اتفقت على ترك شيء من شعائر الإسلام الظاهرة الواجبة المجمع عليها، كالصلاة، أو الزكاة، أو الصيام، فإن الإمام يدعوهم لإقامتها، فإن أبوا فللإمام مقاتلة هذه الفئة حتى تؤدي الشغيرة.
ويتبين من هذا أن الشعيرة لو كانت تطوع، أو محل خلاف، أو مما يفعل فرادى، وليست ظاهرة، أو كانت ظاهرة وكان تركها من فرادى الناس فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب، وكذا ينبه إلى أن المراد المقاتلة، لا القتل، ولا التكفير.
• من نقل الإجماع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "أجمع العلماء على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة متواترة من شرائع الإسلام، فإنه يجب قتالها؛ حتى يكون الدين كله للَّه"(1)، ونقله عنه ابن قاسم (2). وقال أيضًا: "كل
= ثم بتقدير أن يكون البغي بغير تأويل يكون ذنبا والذنوب تزول عقوبتها بأسباب متعددة: بالحسنات الماحية والمصائب المكفرة وغير ذلك، وحديث عمار قد يحتج به من رأى القتال؛ لأنه إذا كان قاتلوه بغاة فاللَّه يقول:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: 9]، والمتمسكون يحتجون بالأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن القعود عن الفتنة خير من القتال فيها، وتقول إن هذا القتال ونحوه هو قتال الفتنة.
والمقصود أن هذا الحديث لا يبيح لعن أحد من الصحابة ولا يوجب فسقه" اهـ باختصار.
ويتحصل مما سبق أن ما حكاه ابن المرتضى ونقله عنه الشوكاني من الإجماع على أن البغي فسق إن أريد به أن الفعل يطلق عليه اسم الفسق، فهو من حيث اللغة حق وصواب، أما من جهة الشرع فلا، وكذا إن أريد به أن صاحبه يفسق ببغيه فباطل، واللَّه تعالى أعلم.
(1)
الفتاوي الكبرى (5/ 528).
(2)
انظر: حاشية الروض المربع (7/ 398).
طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين، وإن تكلمت بالشهادتين، فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا على الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا، وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة، وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق، وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة" (1).
ونقل اتفاق الصحابة في موضع آخر فقال: "كل طائفة ممتنعة عن إلتزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه، كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة، وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبى بكر رضي الله عنهما، فاتفق الصحابة رضي الله عنهم على القتال على حقوق الإسلام عملًا بالكتاب والسنة"(2).
وقال ابن حجر (852 هـ): "وقد اختلف الصحابة فيهم -أي مانعي الزكاة- بعد الغلبة عليهم هل تغنم أموالهم وتسبى ذراريهم كالكفار أو لا كالبغاة؟ فرأى أبو بكر الأول، وعمل به، وناظره عمر في ذلك، وذهب إلى الثاني ووافقه غيره في خلافته على ذلك، واستقر الإجماع عليه في حق من جحد شيئًا من الفرائض بشبهة فيطالب بالرجوع فإن فصب القتال قوتل، وأقيمت عليه الحجة"(3).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أن أبا بكر رضي الله عنه قاتل الممتنعين عن
(1) الفتاوى الكبرى (3/ 534).
(2)
مجموع الفتاوى (28/ 502)، وانظر:(28/ 303)، (28/ 545).
(3)
فتح الباري (12/ 280).