الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحيحة، وذلك كفر مخرج من الملة.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[103/ 4] المسألة الثالثة بعد المائة: النار حق وهي مخلوقة، ومن خالف ذلك كفر
.
• المراد بالمسألة: مما قُرر في نصوص القرآن وكلام صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم أن من جملة الإيمان بالغيب الإيمان بأن ثمة نارًا خلقها اللَّه تعالى، يجب الإيمان بها، وأنها الآن مخلوقة موجودة، فمن أنكر ذلك فقد كفر.
• من نقل الإجماع: قال الطحاوي (321 هـ): "اتفق أهل السنة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن"(1). وقال الآجري (360 هـ): "اعلموا رحمنا اللَّه وإياكم أن القرآن شاهد أن اللَّه عز وجل خلق الجنة والنار قبل أن يخلق آدم عليه الصلاة والسلام، وخلق للجنة أهلًا، وللنار أهلًا، قبل أن يخرجهم إلى الدنيا، لا يختلف في هذا من شمله الإسلام"(2).
قال ابن حزم (456 هـ) في معرض كلامه على بعض الاعتقادات المجمع عليها والتي كفر بها المخالف بإجماع فقال: "اتفقوا أن النار حق"(3). وقال ابن عبد البر (463 هـ): "الذي عليه جماعة أهل السنة والأثر أن الجنة والنار مخلوقتان لا تبيدان"(4). وقال أيضًا: "الجنة والنار مخلوقتان، وهو قول جماعة أهل السنة أهل الفقه والحديث"(5).
وقال النووي (676 هـ): "الجنة والنار مخلوقتان موجودتان اليوم. . . وهذا كله مذهب أصحابنا، وسائر أهل السنة"(6). وقال العراقي (806 هـ): "النار
(1) شرح العقيدة الطحاوية (420).
(2)
الشريعة (3/ 1342).
(3)
مراتب الإجماع (268)، باختصار يسير.
(4)
التمهيد (5/ 11)، وانظر:(14/ 105)، (19/ 112).
(5)
الاستذكار (1/ 103)، وانظر:(3/ 86).
(6)
شرح النووي (6/ 207)، وانظر:(5/ 120).
مخلوقة الآن موجودة، وهذا إجماع ممن يعتد به" (1).
وقال ابن القيم (751 هـ): "لم يزل أصحاب رسول اللَّه والتابعون وتابعوهم وأهل السنة والحديث قاطبة وفقهاء الإسلام وأهل التصوف والزهد على اعتقاد ذلك -وجود الجنة الآن- وإثباته مستندين في ذلك إلى نصوص الكتاب والسنة وما علم بالضرورة من أخبار الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم فإنهم دعوا الأمم إليها وأخبروا بها"(2).
• مستند الإجماع: مسألة الباب على شقين: الأول: أن النار حق. الثاني: أنها الآن مخلوقة موجودة.
أما الأدلة على أن النار حق فنصوص الشريعة متواترة في إثبات ذلك، منها:
1 -
2 -
3 -
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)} (5).
4 -
والآيات في هذا الباب كثيرة.
5 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل: (اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد
(1) طرح التثريب (2/ 158).
(2)
حادي الأرواح (1/ 11).
(3)
سورة التحريم، آية (6).
(4)
سورة النساء، آية (56).
(5)
سورة يونس، آية (7).
(6)
سورة الحجر، آية (42 - 44).
أنت قيام السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت) (1).
6 -
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد اللَّه ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله اللَّه الجنة على ما كان من العمل)(2).
والأحاديث في إثبات النار، وصفتها، والشفاعة في الخروج منها، كثيرة متواترة يطول ذكرها.
أما كون النار مخلوقة وهي الآن موجودة فدليله ما يلي:
1 -
2 -
3 -
قال تعالى عن فرعون وقومه: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} (5).
(1) صحيح البخاري (رقم: 5958)، وصحيح مسلم (رقم: 769).
(2)
البخاري (رقم: 32520)، ومسلم (رقم: 28).
(3)
سورة البقرة، آية (23 - 24).
(4)
سورة آل عمران، آية (130 - 131).
(5)
سورة غافر، آية (46).
4 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبربن، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم، قال اللَّه تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: انما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله، فتقول: قط، قط، فهنالك تمتلئ، ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم اللَّه عز وجل من خلقه أحدًا، وأما الجنة فإن اللَّه عز وجل ينشئ لها خلقًا)(1).
5 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما حين كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم صلاة الكسوف ثم قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا اللَّه) قالوا: يا رسول اللَّه، رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا، ثم رأيناك كففت، فقال:(إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرًا قط، ورأيت أكثر أهلها النساء)، قالوا: بم يا رسول اللَّه؟ قال: (بكفرهن)، قيل: أيكفرن باللَّه؟ قال: (بكفر العشير، وبكفر الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط)(2).
6 -
عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء)(3).
7 -
عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان
(1) صحيح البخاري (رقم: 4569)، وصحيح مسلم (رقم: 2846).
(2)
صحيح البخاري (رقم: 1004)، وصحيح مسلم (رقم: 907)، واللفظ له.
(3)
صحيح البخاري (رقم: 3069)، وصحيح مسلم (رقم: 1737) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.