الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستدل على مسألة الباب قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (1).
ومن سرق شيئا فصبغه فإنه داخل في عموم الآية، فإن الزيادة في المسروق لا تدرأ الحد.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[20/ 1] المسألة العشرون: حد السرقة لا يقبل الصلح
.
• المراد بالمسألة: لو سرق شخص من آخر ما يوجب القطع، وثبتت السرقة عند الحاكم، ثم تصالح السارق مع صاحب المال المسروق على مال معين يدفعه السارق، أو على أي شيء آخر، ويسقط الحد عنه، فإن الصلح هنا باطل، ويجب على الإمام إقامة الحد.
ويتبيَّن مما سبق أن الصلح لو حدث قبل بلوغ الأمر للإمام فإن ذلك غير مراد من مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال الكاساني (587 هـ): "لا خلاف في حد الزنا، والشرب، والسكر، والسرقة، أنه لا يحتمل العفو، والصلح، والإبراء، بعد ما ثبت بالحجة"(2). وقال ابن تيمية (728 هـ): "قد أجمع المسلمون على أن تعطيل الحد بمال يؤخذ، أو غيره لا يجوز. وأجمعوا على أن المال المأخوذ من الزاني، والسارق، والشارب، والمحارب، وقاطع الطريق، ونحو ذلك؛ لتعطيل الحد، مال سحت خبيث"(3). وقال ابن حجر (852 هـ): "الحد لا يقبل الفداء، وهو مجمع عليه في الزنا، والسرقة، والحرابة، وشرب المسكر"(4).
(1) سورة المائدة، آية (38).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 55).
(3)
مجموع الفتاوى (28/ 303).
(4)
فتح الباري (12/ 141).
وهذه المسألة قريبة من المسألة الخامسة عشرة التي تنص على أن حد السرقة لا يقبل الفداء، إلا أن هذه أخص من جهة أنها فداء عن طريق الصلح.
• مستند الإجماع: مما يدل على مسألة الباب:
1 -
عن صفوان بن أمية رضي الله عنه (1) أنه: "سرقت خميصته من تحت رأسه وهو نائم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ اللص، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بقطعه، فقال صفوان: أتقطعه؟ قال: (فهلا قبل أن تأتيني به تركته)(2).
وفي رواية لأبي داود والنسائي بلفظ: قال صفوان: فأتيته فقلت: أتقطعه كان أجل ثلاثين درهمًا، أنا أبيعه وأنسئه ثمنها، (قال: فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به) (3).
وفي رواية لابن ماجه بلفظ: "فقال صفوان: يا رسول اللَّه لم أرد، هذا ردائي عليه صدقة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(فهلا قبل أن تأتيني به)(4).
(1) هو أبو وهب وقيل: أبو أمية، صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي، صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أسلم بعد حنين، ثم شهد اليرموك، كان شريفًا جليلًا، هو أحد المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم، وكان من أفصح قريش لسانًا، ومات بمكة سنة (42) هـ. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 424، الإصابة 2/ 187، شذرات الذهب 1/ 52.
(2)
أخرجه أحمد (24/ 15)، والنسائي (رقم: 4884).
(3)
أخرجه أبو داود (رقم: 4394)، والنسائي، كتاب: الحدود، باب: ما يكون حرزًا وما لا يكون، (رقم: 4883).
(4)
أخرجه ابن ماجه، كتاب: الحدود، باب: من سرق من الحرز (رقم: 2595). والحديث ضعفه ابن حزم حيث قال في "المحلى"(12/ 57): "وأما حديث صفوان فلا يصح فيه شيء أصلًا؛ لأنها كلها منقطعة؛ لأنها عن عطاء، وعكرمة، وعمرو بن دينار، وابن شهاب، وليس منهم أحد أدرك صفوان". ووافقه عبد الحق حيث قال: "لا أعلمه يتصل من وجه صحيح".
لكن صححه آخرون من رواية طاووس، فقد أشار ابن عبد البر في التمهيد (11/ 219) إلى احتمال اتصالها من جهة أن سماع طاووس من صفوان محتمل؛ لأن طاووسًا أدرك عثمان رضي الله عنه، وقال: أدركت سبعين شيخًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. =