الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن اليمين على المدعى عليه) (1).
النتيجة:
لم أجد مخالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[47/ 4] المسألة السابعة والأربعون: مشروعية قتل ساب الرسول صلى الله عليه وسلم
-.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف السب: السب: أصله القطع، يُقال: سبَّه سبًا: أي قطعه، والمراد به هنا الشتم، وسُمي الشتم سبًا؛ لأنه يقطع ما بينه وبين من شتمه (2)، وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية حقيقة السب بأنه:"الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وهو ما يفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح، ونحوه"(3).
• ثانيًا: صورة المسألة: لو أن مسلمًا سب النبي صلى الله عليه وسلم صريحًا، بشتم، أو قذف، أو نحو ذلك، وهو عاقل، بالغ، مختار، فإن على الإمام أن يقتله، سواء تاب من السب، أو لم يتب.
وكذا الذمي، والمعاهد، إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم.
ويتبين مما سبق أنه لو تنقص النبي صلى الله عليه وسلم بغير السب الصريح، كالتعريض مثلًا، وكذا لو كان السب من حربي مثلًا، أو كان من ذمي أو معاهد لكنه أسلم بعد سبه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا لو كان الساب غير عاقل، بأن كان مجنونًا، أو معتوهًا، أو كان غير بالغ، أو كان مكرهًا، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
كما يتبين مما سبق أن المسألة هي في قتله، أما في الحكم بكفره من عدمه فمسألة أخرى غير مرادة في الباب.
• من نقل الإجماع: قال إسحاق بن راهوية (238 هـ): "أجمع المسلمون
(1) صحيح البخاري (رقم: 4277)، وصحيح مسلم (رقم: 1711)، واللفظ له.
(2)
انظر: مقاييس اللغة (3/ 63)، لسان العرب، مادة:(سبب)، (1/ 455).
(3)
الصارم المسلول (1/ 563).
على أن من سب اللَّه عز وجل، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئًا مما أنزل اللَّه تعالى، أو قتل نبيًا من أنبياء اللَّه تعالى، أنه كافر بذلك، وإن كان مقرًا بكل ما أنزل اللَّه" (1).
وقال محمد بن سحنون (256 هـ)(2): "أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم والمتنقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب اللَّه له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر"، نقله عنه القاضي عياض (3)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (4).
وحكى الإجماع على ذلك أبو بكر الفارسي (305 هـ)(5)، حيث نقله عنه ابن تيمية (728 هـ) فقال: "وقد حكى أبو بكر الفارسي -من أصحاب الشافعي- إجماع المسلمين على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل، كما أن حد من سب غيره الجلد، وهذا الإجماع الذي حكاه هذا محمول على إجماع الصدر الأول من الصحابة والتابعين، أو أنه أراد به إجماعهم على أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يجب
(1) نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد (4/ 226)، وشيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول (1/ 9).
(2)
هو محمد بن سحنون بن سعيد التنوخي، الفقيه المالكي، القيرواني، كان حافظًا، خبيرًا بمذهب مالك، عالمًا بالآثار، ألف كتابه المشهور جمع فيه فنون العلم والفقه وكتاب السير وهو عشرون مجلدا، والرد على الشافعي وأهل العراق، وكتاب الزهد والأمانة، وتصانيفه كثيرة، قال سحنون:"ما أشبهه إلا بأشهب"، ، وتوفي سنة (256) هـ. انظر: طبقات الفقهاء 1/ 157، هدية العارفين 2/ 17، شذرات الذهب 2/ 150.
(3)
انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 214 - 215).
(4)
انظر: الصارم المسلول (1/ 9).
(5)
هو أحمد بن الحسين بن سهل أبو بكر الفارسي، فقيه شافعي، قال عنه النووي:"من أئمة أصحابنا وكبارهم ومتقدميهم وأعلامهم"، من كتبه:"عيون المسائل" في نصوص الشافعي، تفقه على ابن سريج، وقيل: تفقه على المزني، مات سنة (305 هـ)، وقيل:(350 هـ). انظر: طبقات الشافعية 1/ 123، طبقات الشافعية الكبرى 2/ 184، معجم المؤلفين 1/ 205.
قتله إذا كان مسلمًا" (1)، ونقله عن أبي بكر الفارسي ابن حجر (2)، والمطيعي (3)، والشوكاني (4).
وقال ابن المنذر (318 هـ): "أجمعوا على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم له القتل"، نقله عنه القرطبي (5)، وابن حجر (6)، وأبو الطيب (7)، والشوكاني (8). وقال الخطابي (388 هـ):"لا أعلم أحدًا من المسلمين اختلف في وجوب قتله"(9)، ونقله عنه القاضي عياض (10)، وابن تيمية (11)، والمطيعي (12)، وابن حجر (13).
وقال ابن القاسم (191 هـ)(14): "من سبه، أو شتمه، أو عابه، أو تنقصه، فإنه يقتل، وحكمه عند الأمة: القتل"، نقله عنه القاضي عياض (15). وقال ابن عبد البر (463 هـ):"روي عن ابن عمر أنه قيل له في راهب سب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لو سمعته لقتلته" ولا مخالف له من الصحابة علمته"(16). وقال القاضي عياض (544 هـ): "أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه"(17).
(1) الصارم المسلول (1/ 9).
(2)
انظر: فتح الباري (12/ 281).
(3)
انظر: المجموع (19/ 427).
(4)
انظر: نيل الأطار (7/ 424).
(5)
تفسير القرطبي (8/ 82).
(6)
انظر: فتح الباري (12/ 281).
(7)
انظر: عون المعبود شرح سنن أيي داود (12/ 12).
(8)
نيل الأوطار (7/ 424).
(9)
معالم السنن (3/ 295).
(10)
انظر: الشفا بتعريف حقوق الصطفى (2/ 216).
(11)
انظر: الصارم المسلول (1/ 9).
(12)
انظر: المجموع (19/ 427).
(13)
انظر: فتح الباري (12/ 281).
(14)
هو أبو عبد اللَّه، عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي، المصري، فقيه، مالكي، زاهد، من أعلم الناس بمذهب مالك وأقواله، من كتبه "المدونة"، ولد سنة (132) هـ، ومات سنة (191) هـ. انظر: الأنساب للسمعاني (4/ 152)، تذكرة الحفاظ (1/ 356)، شذرات الذهب (1/ 329).
(15)
الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 216).
(16)
التمهيد (6/ 168).
(17)
الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 211)، وانظر: نفس المصدر (2/ 214).
وقال ابن تيمية (728 هـ): "أذى الرسول من أعظم المحرمات؛ فإن من آذاه فقد آذى اللَّه، وقتل سابه واجب باتفاق الأمة"(1). وقال أيضًا: "الساب إن كان مسلمًا فإنه يكفر، ويقتل، بغير خلاف"(2). وقال ابن القيم (751 هـ) لما ذكر جملة من الأدلة على قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم: "وفي ذلك بضعة عشر حديثًا ما بين صحاح وحسان ومشاهير وهو إجماع الصحابة"(3).
• مستند الإجماع: من الأدلة على قتل ساب النبي صلى الله عليه وسلم ما يلي:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه، فأخذ المغول (4) فوضعه في بطنها، واتكأ عليها، فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدم، فلما أصبح ذُكر ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجمع الناس فقال:(أنشد اللَّه رجلًا فعل ما فعل، لي عليه حق إلا قام) فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل، حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المِغول، فوضعته في بطنها، واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(1) مجموع الفتاوى (15/ 169).
(2)
الصارم المسلول (1/ 10).
(3)
زاد المعاد (5/ 54).
(4)
قال ابن الأثير: "المِغوَل -بالكسر- شبه سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه، وقيل: هو حديدة دقيقة لها حدٌّ ماضٍ وقَفًا، وقيل: هو سوط في جوفه سيف دقيق يشدُّه الفاتِك على وسَطه ليَغْتال به الناس"، قيل: سمي مِغْوَلًا؛ لأَن صاحبه يَغْتال به عدوَّه -أَي يهلكه- من حيث لا يحتسبه، وجمعه مَغاوِل. انظر: النهاية في غريب الأثر، باب: الغين مع الواو، مادة:(غول)، (3/ 746)، لسان العرب، مادة:(غول)، (11/ 507).
(ألا اشهدوا أن دمها هدر)(1).
2 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل كعب بن الأشرف (2)؛ لأنه آذى اللَّه ورسوله صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (من لكعب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى اللَّه ورسوله)؟ فقال محمد بن مسلمة (3): يا رسول اللَّه أتحب أن أقتله، قال:(نعم)، قال: ائذن لي فلْأقل، قال:(قل)، فأتاه فقال له -وذكر ما بينهما- وقال: إن هذا الرجل قد أراد صدقة، وقد عنانا، فلما سمعه قال: وأيضًا واللَّه لتملنه، قال: إنا قد اتبعناه الآن، ونكره أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير أمره، قال: وقد أردت أن تسلفني سلفًا، قال:
(1) أخرجه أبو داود، (رقم: 4361)، والنسائي، (رقم: 4070)، قال الحاكم في "المستدرك" (4/ 394):"هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقال ابن حجر في "بلوغ المرام" (1201):"رواته ثقات"، وقال الألباني في إرواء الغليل (5/ 92):"إسناده صحيح على شرط مسلم".
(2)
هو كعب بن الأشرف الطائي، من بني نبهان، شاعر جاهلي، كانت أمه من "بني النضير" فدان باليهودية، وكان سيدًا في أخواله، يقيم في حصن له قريب من المدينة، أدرك الإسلام، ولم يسلم، وأكثر من هجو النبي صلى اللَّه عليه وآله وأصحابه، وتحريض القبائل عليهم وإيذائهم، والتشبيب بنسائهم، خرج إلى مكة بعد وقعة "بدر" فندب قتلى قريش فيها، وحض على الأخذ بثأرهم، وعاد إلى المدينة، وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتله، فقُتِل سنة (3 هـ). انظر: الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر 150، السيرة النبوية لابن كثير 3/ 11، حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار لمحمد الحضرمي 274.
(3)
هو أبو عبد اللَّه، محمد بن مسلمة بن سلمة بن حريش بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن عمرو بن مالك بن الأوس، الحارثي الأنصاري، قاتل كعب بن الأشرف، شهد بدرًا وما بعدها إلا غزوة تبوك، فإنه تخلف بإذن النبي صلى الله عليه وسلم له أن يقيم في المدينة، ضرب فسطاطة بالربذة واعتزل الفتن، إلى أن مات سنة (43 هـ)، في ولاية معاوية بالمدينة وهو ابن سبع وسبعين سنة. انظر: معرفة الصحابة 1/ 156، البداية والنهاية 8/ 32 - 35، رجال مسلم لأبي بكر الأصبهاني 2/ 208.
فما ترهنني، قال: ما تريد، قال: ترهنني نساءكم، قال: أنت أجمل العرب أنرهنك نساءنا؟ قال له: ترهنوني أولادكم، قال: يُسب ابن أحدنا فيقال رُهن في وسقين من تمر، ولكن نرهنك اللْأمة -يعني السلاح-، قال: فنعم، وواعده أن يأتيه بالحارث (1)، وأبي عبس بن جبر (2)، وعباد بن بشر (3)، قال: فجاءوا فدعوه ليلًا، فنزل إليهم، فقالت له امرأته: إني لأسمع صوتًا كأنه صوت دم، قال: إنما هذا محمد بن مسلمة، ورضيعه وأبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة ليلًا لأجاب، قال محمد: إني إذا جاء فسوف أمد يدي إلى رأسه، فإذا استمكنت منه فدونكم، قال: فلما نزل نزل وهو متوشح (4)،
(1) هو أبو أوس، الحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري، ابن أخي سعد بن معاذ، شهد بدرًا، أصيب في رجله يوم قتل كعب بن الأشرف، فبصق النبي صلى الله عليه وسلم على الجرح، فزال الألم، قال ابن عبد البر:"قُتل يوم أحد شهيدًا"، وتعقبه ابن حجر بأن ذلك وهم، واختار أنه عاش إلى يوم الخندق. انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1/ 281، الإصابة في تمييز الصحابة 1/ 563، تهذيب التهذيب 2/ 137.
(2)
هو أبو عبس بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري، الأوسي، قيل: كان اسمه في الجاهلية عبد العزي، وقيل معبد، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، وقيل: عبد اللَّه، والأول أصح، من أهل بدر، أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم بعدما ذهب بصَره عصًا فقال:" تنور بهذه"، فكانت تضئ له، مات سنة (34 هـ). انظر: معجم الصحابة 4/ 438، سير أعلام النبلاء 1/ 189، الإصابة في تمييز الصحابة 7/ 266.
(3)
هو أبو بشر، عباد بن بشر بن وقش بن زعوراء بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج الأنصاري، قال ابن عبد البر:"لا يختلفون أنه أسلم بالمدينة على يدي مصعب بن عمير وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ"، شهد بدرا والمشاهد كلها، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي حذيفة بن عتبة، وقتل يوم اليمامة شهيدا، وهو ابن خمس وأربعين سنة. انظر: سير أعلام النبلاء 1/ 337، الإصابة في تمييز الصحابة 3/ 611، تهذيب التهذيب 5/ 78.
(4)
قال الأزهري في تهذيب اللغة (5/ 95): "والتوشُّحُ بالرداء: مثل التَأَبُّط والاضْطِبَاع، وهو أن يُدْخل الرجُل الثوبَ من تحتِ يدِه اليُمْنى فيلقيَهُ على عاتِقِه الأَيْسرِ كما يفعله المُحْرِمُ".
فقالوا: نجد منك ريح الطيب، قال: نعم، تحتي فلانة هي أعطر نساء العرب، قال: فتأذن لي أن أشُمَّ منه، قال: نعم فشُم، فتناول فشَم ثم قال: أتاذن لي أن أعود، قال: فاستمكن من رأسه ثم قال: دونكم، قال: فقتلوه" (1).
3 -
عن علي رضي الله عنه "أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دمها"(2).
قال ابن تيمية: "فرتَّب علي رضي الله عنه إبطال الدم على الشتم بحرف الفاء، فعلم أنه هو الموجب لإبطال دمها؛ لأن تعليق الحكم بالوصف المناسب بحرف الفاء يدل على العلِّية"(3).
4 -
أنه المروي عن جماعة من الصحابة كأبي بكر، وعمر، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس رضي الله عنهم، فمن ذلك:
أ- عن أبى برزة رضي الله عنه قال: "أتيت على أبي بكر وقد أغلظ لرجل، فرد عليه، فقلت: ألا أضرب عنقه؟ فانتهرني، فقال: إنها ليست لأحد بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"(4).
(1) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب: قتل كعب بن الأشرف، (رقم: 3811)، وصحيح مسلم، كتاب: الجهاد والسير، باب: قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود، (رقم: 1801).
(2)
أخرجه أبو داود (رقم: 4362)، من طريق الشعبي عن علي رضي الله عنه، قال ابن تيمية في الصارم المسلول (1/ 65):"هذا الحديث جيد؛ فإن الشعبي رأى عليًا، روى عنه حديث شراحة الهمدانية، وكان على عهد علي قد ناهز العشرين سنة، وهو كوفي، فقد ثبت لقاؤه، فيكون الحديث متصلًا، ثم إن كان فيه إرسال؛ لأن الشعبي يبعد سماعه من علي فهو حجة وفاقًا؛ لأن الشعبي عندهم صحيح المراسيل لا يعرفون له مرسلًا إلا صحيحًا، ثم هو من أعلم الناس بحديث علي، وأعلمهم بثقات أصحابه"، وقال الألباني في إرواء الغليل (5/ 91):"إسناده صحيح على شرط الشيخين".
(3)
الصارم المسلول (1/ 71).
(4)
أخرجه أحمد (1/ 222)، النسائي (رقم: 4071).
• وجه الدلالة: أن أبا بكر أخبر أنه لا يجوز قتل الرجل الذي رد عليه، وأخبر أن هذا لا يكون إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم.
ب- أخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه أنه أصلت (1) على راهب سب النبي صلى الله عليه وسلم بالسيف، وقال:"إنا لم نصالحكم على شتم نبينا صلى الله عليه وسلم"(2).
والأحاديث والآثار في هذا الباب كثيرة، قال ابن القيم:"وفي ذلك بضعة عشر حديثًا، ما بين صحاح، وحسان، ومشاهير، وهو إجماع الصحابة"(3).
• المخالفون للإجماع: ذهب أبو ثور إلى أن الذمي إن سب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا ينتقض عهده، ولا يقتل، ولكن يعزر، وهو مذهب الحنفية (4).
• دليل المخالف: استدل الحنفية بما يلي:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أناس من اليهود فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، قال: وعليكم، قالت عائشة: قلت: بل عليكم السام
والذام، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(يا عائشة، لا تكوني فاحشة) فقالت: ما سمعتَ ما قالوا؟ فقال: (أليس قد رددت عليهم الذي قالوا؟ قلت: وعليكم)(5).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن اليهود قد سبوه في السلام، ومع ذلك اكتفى بالرد عليهم، ولم يحكم بقتلهم.
(1) أي جعل السيف أملس قوي الضوبة، قال ابن فارس في مقاييس اللغة (3/ 302):"الصاد واللام والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بروزِ الشيء ووضوحه. . . وهذا مأخوذٌ من السَّيف الصَّلْت والإِصليت، وهو الصَّقيل".
وقال ابن منظور: "سيفٌ صَلْتٌ ومُنْصَلِتٌ وإِصْيلتٌ: مُنْجَرِدٌ ماضٍ في الضَّريبة".
(2)
مصنف ابن أبى شيبة (8/ 399).
(3)
زاد المعاد (5/ 54)، وللاستزادة من أدلة الباب من الأثر والنظر، راجع كتاب الصارم المسلوم فقد استوفى شيخ الإسلام ابن تيمية الكلام في المسألة بما يثلج الصدر، واللَّه تعالى أعلم.
(4)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 281).
(5)
صحيح البخاري (رقم: 5683)، وصحيح مسلم (رقم 2165).