الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيضاء اليوم، فالشهادة تامة، والحد واجب؛ لأن الزنى قد تم عليه، ولا يحتاج في الشهادة إلى ذكر مكان ولا زمان، ولا إلى ذكر التي زنى بها، فالسكوت عن ذكر ذلك وذكره سواء، وكذلك في السرقة، ولو قال أحدهما: أمس، وقال الآخر: عام أول، أو قال أحدهما: بمكة، وقال الآخر: ببغداد، فالسرقة قد صحت، وتمت الشهادة فيها، لا معنى لذكر المكان، ولا الزمان، ولا الشيء المسروق منه، سواء اختلفا فيه، أو اتفقا فيه، أو سكتا عنه؛ لأنه لغو، وحديث زائد، ليس من الشهادة في شيء" (1).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم، في أنه لو اتفقت شهادتهما ولم يتراجعا فيجب القطع.
أما اشتراط اتفاق الشهود فعلى قسمين:
الأول: الاتفاق في تعيين السارق، فهذا محل إجماع.
الثاني: الاتفاق في الزمان، أو المكان، أو جنس المسروق، فذلك ليس بمحل إجماع، واللَّه تعالى أعلم.
[50/ 3] المسألة الخمسون: يكفي في الإقرار، الإقرار المجرد دون إحضار المال المسروق
.
• المراد بالمسألة: إذا أقر شخص على نفسه مختارًا بما يوجب حد السرقة، فإنه لا يشترط لإقامة الحد أن يحضر المال المسروق.
ويتحصل مما سبق أن السرقة لو ثبتت ببينة، أو كان إقرار السارق فيه نوع وإكراه كأن يمتحن بالضرب أو الحبس، فذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "قد روينا عن أبي بكر الصديق بحضرة عمر بن الخطاب وسائر الصحابة رضي الله عنهم أنه قَطَع [إلا
(1) المحلى (12/ 47).
قطع] (1) بإقرار مجرد دون إحضار السرقة" (2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (3).
• وجه الدلالة: أن الآية عامة، وليس فيها اشتراط أن يكون السارق معه المال المسروق.
2 -
عن أبي أمية المخزومي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتي بلص اعترف اعترافًا ولم يوجد معه متاع، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(ما إخالك سرقت) قال: بلى، قال:(اذهبوا به فاقطعوه)، ثم جيئوا به، فقطعوه، ثم جاءوا به، فقال له:(قل أستغفر اللَّه وأئوب إليه) فقال: أستغفر اللَّه وأتوب إليه، قال:(اللهم تب عليه)(4).
• وجه الدلالة: قوله: "ولم يوجد معه متاع"، ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعه حين أقر.
3 -
نصوص السنة الدالة على القطع؛ إذ ليس في شيء منها اشتراط إحضار المال المسروق.
• المخالفون للإجماع: نقل ابن حزم عن المالكية خلافًا في مسألة الباب، وأن من أقر بسرقة مال معين، فلا بد من إحضار المال المسروق ليقبل إقراره (5).
• دليل المخالف: استدل المخالف بأنه مروي عن ابن عمر رضي الله عنه، بما رواه
(1) كذا في الأصل، ولم يتبيَّن لي وجه هذه اللفظة، ولعلها خطأ من الناسخ أو سبق قلم، أو لعل صوابها:"الأقطع"، واللَّه أعلم.
(2)
المحلى (12/ 329).
(3)
سورة المائدة، آية (38).
(4)
أخرجه أحمد (37/ 184)، وأبو داود (رقم: 4877)، والنسائي (رقم: 4877)، وابن ماجه (رقم: 2597).
(5)
انظر: المحلى (12/ 329)، ولم أجده في كتب المالكية المعتمدة.