الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكيف نسبة هذا بهذا" (1).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[4/ 2] المسألة الرابعة: مشروعية مدافعة قطاع الطريق، ولو بالقتل
.
• المراد بالمسألة: لو قطع شخص أو جماعة طريقًا على غيرهم، فلمن اعتدي عليه دفع قاطع الطريق ولو بالقتل، لكن يدفعهم بالأسهل فإن لم يندفع المحارب إلا بالقتل فيقتله ودمه هدر.
وينبه إلى أن الكلام على المسألة هو فيمن تحقق عليه إطلاق لفظ قاطع الطريق، فأما إذا لم يتحقق عليه لفظ قاطع الطريق فالمسألة حينئذ لا ترد في مسألة الباب، ومن ذلك ما لو اعتدي عليه نهارًا في داخل المدينة فعند الحنفية وجماعة أن هذا لا يعد قاطعًا للطريق، وعليه فلو قتله في هذه الصورة فذلك غير مراد في مسألة الباب.
كما ينبه إلى أن قاطع إذا أمكن دفعه بغير القتل، لكن المعتدى عليه قتله، فذلك غير مراد في مسألة الباب، وإنما المراد أن الواجب دفع الصائل بالأسهل، فإن لم يندفع إلا بالقتل فله أن يقتله.
• من نقل الإجماع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "أجمع المسلمون على جواز مقاتلة قطاع الطريق. . . فالقُطَّاع إذا طلبوا مال المعصوم لم يجب عليه أن يعطيهم شيئًا باتفاق الأئمة، بل يدفعهم بالأسهل فالأسهل، فإن لم يندفعوا إلا بالقتال فله أن يقاتلهم، فإن قُتل كان شهيدًا، وإن قَتل واحدًا منهم على هذا الوجه كان دمه هدرًا، وكذلك إذا طلبوا دمه كان له أن يدفعهم ولو بالقتل، إجماعًا"(2).
(1) مجموع الفتاوى (3/ 443).
(2)
الفتاوى الكبرى (3/ 255 - 256)، وانظر: مجموع الفتاوى (6/ 387).
وقال الصنعاني (1182 هـ): "الإجماع على أن من شهر على آخر سلاحًا لقتْله، فدَفع عن نفسه، فقَتَل الشاهر، أنه لا شيء"(1).
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه أَرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: (فلا تعطه مالك) قال: أَرأيت إن قاتلني؟ قال: (قاتله)، قال: أَرأيت إن قتلني؟ قال: (فأنت شهيد) قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: (هو في النار)(2).
2 -
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل دون ماله فهو شهيد"(3).
3 -
عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد)(4).
• وجه الدلالة من الحديثين: أن المحارب صائل، وقد دل الحديثان أن للإنسان دفع الصائل ولو بمقاتلته، وأنه إن قُتل فهو شهيد.
• المخالفون للإجماع: نقل المرداوي في الإنصاف وجهًا وهو: أن من قتل الصائل دفاعًا" عن ماله فإنه يقتل به، وإن قتله دفاعًا عن نفسه فلا يقتل به (5).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع متحقق بين أهل العلم، لوجود الخلاف عن بعض الحنابلة.
(1) سبل السلام (2/ 380).
(2)
صحيح مسلم (رقم: 140).
(3)
صحيح البخاري (رقم: 2348)، وصحيح مسلم (رقم: 142).
(4)
أخرجه أحمد (3/ 190)، وأبو داود (رقم: 4772)، والترمذي (رقم: 1421)، والنسائي (رقم: 4095)، وقال الترمذي:"حديث حسن صحيح"، وقال الألباني في "الإرواء" (3/ 164):"سنده صحيح".
(5)
الإنصاف (10/ 304).