الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من السنة والجماعة.
وإن كان بعض أهل العلم كابن العربي وغيره حكى عن الشافعية قولًا بأن من قذف عائشة فإنه لا يكفر، وهذا ليس بدقيق، وإنما الذي حكاه بعض الشافيعة قولان هو في مسألة من سب عائشة رضي الله عنها، لا فى مسألة القذف، واللَّه تعالى أعلم (1).
[70/ 4] المسألة السبعون: من أوجب حكمًا من غير دليل، أو نقص من الدين شيئًا، أو بدل شيئًا منه مكان آخر، كفر
.
• المراد بالمسألة: إذا أوجب شخص حكمًا لم يوجبه اللَّه تعالى، ولم يكن له في الإيجاب دليل من كتاب، أو سنة، أو إجماع، أو قياس، أو تأويل، من استحسان، أو اعتبار مصلحة، أو نحو ذلك، فإنه يكفر بذلك، ومثله من أنقص شيئًا من أحكام الشريعة المجمع عليها كإنكار قطع يد السارق، وكذا من بدل حكمًا مكان حكم آخر، بأن جعل القصاص على من سرق، أو الاكتفاء بالجلد على من زنى وهو محصن، فكل من فعل ذلك بلا شبهة أو تأويل فإنه كافر، إذا توفرت الشروط انتفت الموانع.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "اتفقوا أنه مذ مات النبي صلى الله عليه وسلم فقد انقطع الوحي، وكمل الدين واستقر، وأنه لا يحل لأحد أن يزيد شيئًا من رأيه بغير استدلال منه، ولا أن ينقص منه شيئًا، ولا أن يبدل شيئًا مكان شيء، وأن من فعل ذلك كافر"(2).
(1) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/ 366)، تفسير القرطبي (12/ 205). وإنما قيَّدت الإجماع بمذهب أهل السنة والجماعة إشارة لطائفة الشيعة التي تتهم عائشة رضي الله عنها بالزنى، بل زاد الأمر عندهم إلى كفرها، كما هو مصرح به في كتبهم منها:"بحار الأنوار" للمجلسي (22/ 220)، و"تفسير القُمي"، للقمي (2/ 377).
(2)
مراتب الإجماع (270 - 271)، باختصار يسير.
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الأثر والنظر:
• أولًا: من الأثر:
1 -
قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1).
2 -
• وجه الدلالة: في الآيتين السابقتين دلالة على أن اللَّه عز وجل قد أتم الشريعة، ولم يمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى أكمل اللَّه به الدين.
قال ابن رجب: "فأما العبادات، فما كان منها خارجًا عن حكم اللَّه ورسوله بالكلية، فهو مردود على عامله، وعامله يدخل تحت قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (3)، فمن تقرَّب إلى اللَّه بعمل لم يجعله اللَّه ورسولُه قربة إلى اللَّه، فعمله باطلٌ مردودٌ عليه، وهو شبيهٌ بحالِ الذين كانت صلاتُهم عندَ البيت مُكاء وتصدية، وهذا كمن تقرَّب إلى اللَّه تعالى بسماع الملاهي، أو بالرَّقص، أو بكشف الرَّأس في غير الإحرام، وما أشبه ذلك من المحدثات التي لم يشرع اللَّه ورسولُه التقرُّب بها بالكلية"(4).
3 -
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)(5). وفي رواية لمسلم: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)(6).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل عمل ليس عليه أمر اللَّه ورسوله فإنه مردود، غير مقبول.
(1) سورة المائدة، آية (3).
(2)
سورة الشورى، آية (21).
(3)
سورة الشورى، آية (21).
(4)
جامع العلوم والحكم (60).
(5)
البخاري (رقم: 2550)، مسلم (رقم: 1718).
(6)
مسلم (رقم: 1718).