الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: علل الفقهاء لمسألة الباب أن من وُضع عنده المال فإنه ينوب مناب المالك في حفظ المال وإحرازه، فالسرقة منه كالسرقة من المالك (1).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة؛ لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[61/ 1] المسألة الحادية والستون: لو كان في الدار نهر جار فألقي المسروق فيه، وكان راكدًا، أو جريه ضعيفًا، فأخرجه بتحريك الماء قطع
.
• المراد بالمسألة: أولًا: تعريف النهر لغة: قال ابن فارس: "النون والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تفتُح شيءٍ أو فتحِه، وأنْهَرْتُ الدَّم: فتحتُه وأرسلْته، وسمِّي النّهرُ؛ لأنه يَنْهَر الأرض أي يشقُّها"(2).
والنهر عند أهل اللغة بسكون الهاء وفتحها، مفرد، جمعه أنهار، أَنْهُر، ونُهُر، ونُهُورٌ، وقال الزبيدي:"النَّهْرُ، بالفتح ويُحَرَّكُ: مَجرى الماءِ، وهذا قول الأَكثر، وقيل: هو الماءُ نفسُه"(3).
وقال الفيومي: "النَّهْرُ: الماء الجاري المتسع والجمع "نُهُرٌ" بضمتين، و"أَنْهُرٌ"، و"النَّهَرُ" بفتحتين: لغة، والجمع "أَنْهَارٌ"، مثل سبب وأسباب، ثم أطلق "النَّهْرُ" على الأخدود مجازًا للمجاورة"(4).
• النهر اصطلاحًا: هو مسطح مائي ينساب على اليابسة في مجرى طويل، ويقع مصبه في نهايته، حيث تصب مياهه في نهر أكبر، أو في بحيرة، أو في أحد المحيطات.
وتبدأ معظم الأنهار من أعالي الجبال أو التلال، وقد يكون منبع النهر مثلجة، أو نهرًا جليديًا ينصهر، أو ينبوعًا، أو بحيرة تفيض مياهها (5).
(1) انظر: الشرح الكبير (10/ 274 - 275).
(2)
مقاييس اللغة، مادة:(نهر)، (5/ 362).
(3)
تاج العروس، مادة:(نهر)، (14/ 315).
(4)
المصباح المنير، مادة:(ن هـ ر)، (627).
(5)
انظر: جغرافية البحار والمحيطات لطلعت عبده وحورية جاد اللَّه (110)، دراسات في النيل لصلاح الشامي (61).
والمراد بالنهر في المسألة هو كل ماء جارٍ سواء كان مُتَّسِعًا أو ضيقًا، صغيرًا أو كبيرًا.
• ثانيًا: صورة المسألة: لو أخذ شخص مالًا من الدار، وفي الدار نهر راكد، أو جريه ضعيف، لا يمكن أن يخرج المال بسبب هذا الجري، فألقى السارق ما سرقه في النهر، ثم أخرجه من النهر بتحريك الماء، فإنه يُقطع.
ويتبين من هذا أن النهر لو كان خارج الدار، أو كان ماء النهر هو الذي أخرج المال بنفسه، لقوة جريانه، فإن ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن الهمام (861 هـ): "لو كان في الدار نهر جار فرمى المال في النهر ثم خرج فأخذه، إن خرج بقوة الماء لا يقطع؛ لأنه لم يخرجه، وقيل: يُقطع. . . ولو كان راكدًا أو جريه ضعيفًا فأخرجه بتحريك الماء، قُطع بالإجماع"(1).
• مستند الإجماع: علل الفقهاء ذلك بأنه الذي أخرج المال من الحرز، واستعمال الماء كآلة لإكمال الإخراج لا يضر، ولا يغير من الحكم شيئًا، كما لو دخل الدار وأخرج المال بعصا أو نحوه (2).
• المخالفون للإجماع: يتحصل مما سبق أن المسألة لها تعلق بالحرز، وإخراج المال من الحرز، وسبق أن الظاهرية لا يرون اشتراط الحرز أصلًا، وسبق أن ثمة طائفة نُقل عنهم القول بعدم اشتراط إخراج المال من الحرز، حيث نقله ابن حزم عن عائشة رضي الله عنها، والنخعي، وسعيد بن المسيب، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، والحسن البصري (3).
(1) فتح القدير (5/ 388).
(2)
انظر: المغني (9/ 103).
(3)
المحلى (12/ 302)، وانظر: المسألة الثانية عشرة تحت عنوان: "السارق إذا دخل البيت ولم يخرج بالمتاع لم يقطع".