الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحدود دمًا ينجس المسجد، وهذا مخالف للأمر بتطييب المساجد.
ب - أنه لا يؤمن من أن يرفع المحدود صوته في المسجد، وقد نهي عن ذلك (1).
• المخالفون للإجماع: ذهب ابن أبي ليلى إلى جواز إقامة الحدود في المساجد، وهو مروي عن الحسن البصري، وشريح، والشعبي (2).
• دليل المخالف: ليس للمخالف دليل من نص شرعي في المسألة، إلا أنه يمكن الاستدلال لهم بأن الأصل هو الإباحة، حتى يرد الدليل على المنع.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم، لخلاف بعض التابعين فيه.
[94/ 1] المسألة الرابعة والتسعون: من لم يكن له طرف مستحق للقطع، قطع ما بعده
.
• المراد بالمسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، فإن الواجب قطع اليد اليمنى من السارق، فإن كان السارق مقطوع اليد اليمنى فإن الحد لا يسقط عنه، بل يُقطع طرف آخر منه، على خلاف في تحديد ذلك الطرف الآخر أهو الرجل اليسرى، أم اليد اليسرى، أم غير ذلك، كما سيأتي بيانه (3).
• من نقل الإجماع: قال ابن هبيرة (650 هـ): "أجمعوا على أن من لم يكن له الطرف المستحق قطعه، قطع ما بعده"(4). وقال ابن قاسم (1392 هـ): "أجمعوا على أن من لم يكن له الطرف المستحق قطعه قطع ما بعده"(5).
• مستند الإجماع: قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً
(1) انظر: المبسوط (9/ 101 - 102)، المغني (9/ 143).
(2)
انظر: مصنف ابن أبي شيبة (6/ 536)، مصنف عبد الرزاق (1/ 463)(10/ 23).
(3)
انظر: المسألة الثامنة والتسعون تحت عنوان: "لا يزاد على قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى في حد السرقة".
(4)
الإفصاح (2/ 213).
(5)
حاشية الروض المربع (3/ 373).
بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (1).
• وجه الدلالة: أن الآية عامة، ومن كان العضو الذي قطعه غير موجود، ووُجد العضو الآخر فإنه داخل في هذا العموم.
2 -
عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: (جيء بسارق إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: (اقتلوه) فقالوا: يا رسول اللَّه إنما سرق؟ قال: (اقطعوه) فقطع، ثم جيء به الثانية فقال:(اقتلوه) فقالوا: يا رسول اللَّه إنما سرق؟ قال: (اقطعوه)، فقطع فأتي به الثالثة فقال:(اقتلوه) فقالوا: يا رسول اللَّه إنما سرق؟ قال: (اقطعوه)، ثم أتي به الرابعة فقال:(اقتلوه) فقالوا: يا رسول اللَّه إنما سرق؟ قال: (اقطعوه)، فأتي به الخامسة قال:(اقتلوه)(2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فيمن سرق ثانيةً أن يُقطع، مع أنه قد قُطعت منه يده اليمني بالسرقة الأولى، فكذلك من كان مقطوع اليد اليمنى أصلًا فإنه يقام عليه الحد كذلك.
3 -
إجماع الصحابة وأهل العلم على أن من سرق فقُطِع ثم سرق ثانية أن عليه القطع ثانيةً (3)، فكذلك من سرق وهو مقطوع العضو الذي يجب قطعه فإنه يُقطع منه العضو الآخر.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل، إجماع بين أهل العلم.
وينبه إلي أنه سبق في مسألة ما "لو أقيم الحد على السارق، ثم سرق ثانية ما يجب فيه القطع، فإنه يقطع ثانية"، أن ثمة قولًا عن عطاء أنه لا يقطع إلا يده
(1) سورة المائدة، آية (38).
(2)
أبو داود (رقم: 4410)، النسائي (رقم: 4978).
(3)
وقد سبق نقولات أهل العلم في الإجماع بنصوصها في المسألة الثالثة تحت عنوان: "لو أُقيم الحد على السارق، ثم سرق ثانيةً ما يجب فيه القطع، قُطع أيضًا".