الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع ماهية الحد الواجب بالسرقة
من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ المال الذي جعله اللَّه أمانة في يد الإنسان ليستعين به على طاعة ربه، وعمارة الأرض التي استخلفه باريه فيها ليقيم فيها شرعه، فحث اللَّه على التجارة المشروعة، وحرم المكاسب المحرمة، كالغصب والظلم والربا، وأبشع ذلك وأشنعه: السرقة، فهي مال خبيث مأخوذ بجريمة مستبشعة، توجب زعزعة الأمن، وإدخال الرعب في قلوب الناس، ولذا شرع اللَّه تعالى على من سرق، وتوفرت فيه شروط الحد السابقة بأن تقطع يده اليمنى، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع:
• أولًا: من الكتاب: قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} (1).
• ثانيًا: من السنة:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها السابق في شأن المخزومية التى سرقت وفيه: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها"(2).
2 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقطع السارق فى ربع دينار فصاعدًا"(3).
وفي لفظ لمسلم أيضًا عن عائشة رضي الله عنها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (لا
(1) سورة المائدة، آية (38).
(2)
البخاري (رقم: 3288)، مسلم (رقم: 1688)، وقد سبق تخريجه قريبًا.
(3)
البخاري (رقم: 647)، مسلم (رقم: 1684)، وقد سبق تخريجه قريبًا.
تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا) (1).
3 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم (2).
4 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن اللَّه السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)(3).
والأدلة في هذا الباب كثيرة جدًا، سيأتي جملة منها فيما يأتي من هذا الباب.
• ثالثًا: الإجماع: نقل جماعة من الفقهاء الإجماع على أن حد السرقة هو قطع اليد اليمنى، وممن حكى الإجماع عليه أو بكر الجصاص (4)، وابن حزم (5)، وابن عبد البر (6)، والبغوي (7)، وابن هبيرة (8)، وابن قدامة (9)، والقرطبي (10)، والنووي (11)، وشمس الدين ابن قدامة (12)، وابن تيمية (13)، وابن كثير (14)، وابن حجر (15)، وغيرهم (16).
(1) مسلم (رقم: 1684)، وقد سبق تخريجه قريبًا.
(2)
البخاري (رقم: 6411)، مسلم (رقم: 1686)، وقد سبق تخريجه قريبًا.
(3)
البخاري (رقم: 6401)، مسلم (رقم: 1687)، وقد سبق تخريجه قريبًا.
(4)
أحكام القرآن (2/ 583).
(5)
مراتب الإجماع (221)، باختصار يسير.
(6)
الاستذكار (7/ 546).
(7)
شرح السنة للبغوي (10/ 326).
(8)
الإفصاح (2/ 213).
(9)
المغني (9/ 105).
(10)
تفسير القرطبي (6/ 172).
(11)
شرح النووي (11/ 185).
(12)
الشرح الكبير (10/ 291).
(13)
مجموع الفتاوى (28/ 329).
(14)
تفسير ابن كثير (2/ 107).
(15)
فتح الباري (12/ 97).
(16)
انظر: المنتقى شرح الموطأ (7/ 167)، المبدع شرح المقنع (9/ 140)، مغني المحتاج (5/ 494)، شرح مختصر خليل (8/ 92)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 171)، دقائق أولي النهى لشرح المنتهى للبهوتي (3/ 378)، سبل السلام (2/ 440)، حاشية الروض المربع (7/ 373).
أما محل القطع من الكف: فمن مفصل الكف: الفاصل بين الكف والساعد، وهو ما يُسمى بالرِّسغ، ويعبر عنه آخرون بالكوع، ولا منافاة؛ فإن الرسغ هو مفصل الكف، وله طرفان، هما عظمان، فالذي يلي الإبهام كوع، والذي يلي الخنصر كرسوع (1)، وقد نقل الإجماع على أن محل القطع هو مفصل الكف جماعة من أهل العلم منهم: أبو بكر الجصاص (2)، وابن هبيرة (3)، وابن قدامة (4)، وشمس الدين ابن قدامة (5)، وابن الهمام (6)، وغيرهم (7).
(1) انظر: المجموع (2/ 262)، المغني (9/ 106).
(2)
أحكام القرآن (2/ 591).
(3)
الإفصاح (213).
(4)
المغني (9/ 105).
(5)
الشرح الكبير (10/ 291).
(6)
فتح القدير (5/ 394).
(7)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 224)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي للزركشي (3/ 126)، المبدع شرح المقنع (9/ 124)، كشاف القناع عن متن الإقناع (6/ 146)، شرح مختصر خليل (8/ 92)، حاشية الروض المربع (7/ 373).