الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث ماهية الحد الواجب بالحرابة
من أجلّ نعم اللَّه تعالى على عباده نعمة الأمن، حيث يهنأ الناس في عيشهم، آمنين على أنفسهم، وأهليهم، وأموالهم، يعبدون ربهم بحرية واطمئنان، وقد ذكر اللَّه تعالى أن زوال هذه النعمة من البلاء الذي يحتاج إلى صبر كما قال سبحانه:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)} (1).
ومن مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس، وحفظ المال، وفي الحرابة إفساد لهذين الأمرين العظيمين.
ولحماية هذه النعمة فإن الشريعة وضعت عقوبة من أشد العقوبات لمن يزعزع هذا الأمن، أو حتى من أراد مجرَّد أن يبث الرعب في النفوس، وهذه العقوبة هي حد الحرابة.
وعقوبة حد الحرابة بيَّنها اللَّه تعالى في قوله سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)} (2).
فيتبيَّن من هذه الآية أن حد الحرابة على أربعة أنواع:
أولًا: القتل.
ثانيًا: الصلب مع القتل.
والصلب: هو أن تُغرز خشبة في الأرض، ثم يُربط عليها خشبة أخرى
(1) سورة البقرة، آية (155).
(2)
سورة المائدة، آية (33).
عرضًا فيضع من حُكم عليه بالحد قدميه عليها، ويربط من أعلاها خشبة أخرى ويربط عليها يديه (1).
ثالثًا: قطع اليد والرجل من خلاف، بأن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى.
رابعًا: النفي من الأرض.
وسيأتي مزيد بيان لهذه الأحكام ونقل إجماعات أهل العلم فيها في هذا الفصل -إن شاء اللَّه تعالى-.
(1) انظر: درر الحكام (2/ 86)، وسيأتي مزيد إيضاح لمعنى الصلب من جهة اللغة والاصطلاح، وطريقة الصلب مع القتل، وذلك في المسألة الثانية تحت عنوان:"حد الحرابة بالصلب والقطع من خلاف خاص بالمحارب، ولا يطبق على المرتد حد الحرابة".