الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: أن من أخذ مال امرئ مسلم أو معاهد بغير حق، غير طيبة به نفسه، وكان أخذه مكابرة بسلاح من صاحبه في الصحراء، فإن هذا الفعل هو من الفساد في الأرض، ومحاربة أهل دين اللَّه تعالى، وبالقيود المذكورة في صورة الباب تخرج غيرها من المسائل التي قد تشتبه بها كالسرقة والغصب.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم، مع التنبيه على الخلاف السابق في الحرابة هل هي في حق المشرك، أو المسلم.
[27/ 2] المسألة السابعة والعشرون: يشترط في المحارب أن يكون معه سلاح
.
• المراد بالمسألة: أولا: المراد بالسلاح لغة واصطلاحًا:
السلاح لغةً: قال ابن الأثير: "السِّلَاح: ما أعْدَدته للحَرْب من آلة الحديد مما يُقَاتَل به"(1).
وظاهر كلام ابن الأثير أن السلاح خاص بآلة الحديد ممّا أُعد للحرب، وثمة من خصه بالسيف وحده، وآخرون يرونها عامة في كل ما أعد للحرب من حديد وغيره، قال ابن منظور:"السلاح اسم جامع لآلة الحرب، وخص بعضهم به ما كان من الحديد، يؤنث ويذكر، والتذكير أعلى؛ لأنه يجمع على أسلحة، وهو جمع المذكر، مثل حمار وأحمرة، ورداء وأردية، ويجوز تأنيثه، وربما خص به السيف، قال الأزهري: والسيف وحده يسمى سلاحًا. . . والعصا تسمى سلاحًا. . . والجمع أَسْلِحة وسُلُحُ وسُلْحانٌ"(2).
والحاصل مما سبق أن السلاح هو اسم جامع لآلة الحرب التي يقاتل بها
(1) النهاية في غريب الأثر، مادة:(سلح)، (2/ 976).
(2)
لسان العرب، مادة:(سلح)، (2/ 486)، وانظر: المصباح المنير، كتاب السين، مادة:(سلح)، (1/ 284).
في البر، أو البحر، أو الجو، وهذا العموم قاله غير واحد من أهل اللغة، منهم ابن فارس حيث قال:"السين واللام والحاء السلاح، وهو ما يُقَاتَل به"(1).
وهذا المعنى اللغوي موافق للمعنى الاصطلاحي عند الفقهاء إذ السلاح عندهم شامل لكل أدوات الحرب (2).
• ثانيًا: صورة المسألة: لو أن شخصًا أو جماعة تعرضوا لغيرهم في الطريق فأخذوا أو قتلوا، فإن من شرط تحقق حد الحرابة عليهم أن يكونوا قد حملوا معهم السلاح في حرابتهم، والمراد بالسلاح هنا هو ما كان يقتل بمحدد أو مثقل، أما العصا والحجارة الصغيرة ونحوهما فليست مرادة في مسألة الباب.
وكذا لو كان قتله غيلة عند من يرى أن ذلك من الحرابة فحمل السلاح في هذه الصورة غير داخل في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن قدامة (625 هـ) في معرض كلامه على شروط من تنطبق عليهم الحرابة: "الشرط الثاني: أن يكون معهم سلاح، فإن لم يكن معهم سلاح، فهم غير محاربين، لأنهم لا يمنعون من يقصدهم، ولا نعلم في هذا خلافًا"(3). وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ): "شرط الثاني: أن يكون معهم سلاح، فان لم يكن سلاح فليسوا محاربين؛ لأنهم لا يمنعون من يقصدهم، ولا نعلم في هذا خلافًا"(4).
• مستند الإجماع: علل الفقهاء لمسألة الباب بأن المحارب إن لم يكن معه سلاح فإنه لا يتحقق فيه تمام معنى الإفساد في الأرض؛ إذ عديم السلاح يمكن رده والتغلب عليه دون الاستغاثة بأحد (5).
• المخالفون للإجماع: خالف ابن حزم في المسألة فرأى أن الحرابة هي الإفساد
(1) مقاييس اللغة (3/ 94)، وانظر: المعجم الوسيط (1/ 440).
(2)
انظر: معجم لغة الفقهاء (247).
(3)
المغني (9/ 125).
(4)
الشرح الكبير (10/ 303).
(5)
انظر: المغني (9/ 125).