الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[24/ 4] المسألة الرابعة والعشرون: المرتد إذا مات على ردته حبط عمله
.
• المراد بالمسألة: لو ارتد شخص مسلم عن الإسلام، ثم مات وهو مرتد، فإنه يلقى اللَّه تعالى وقد حبطت عنه جميع أعماله الصالحة التي كان عملها في إسلامه، وبعد ردته.
ويتحصل مما سبق أنه لو ارتد ثم عاد للإسلام فكون أعماله التي عملها قبل الردة يحبطها اللَّه تعالى أم لا مسألة خلاف ليست مرادة في الباب.
• من نقل الإجماع: قال النووي (676 هـ): "الردة المتصلة بالموت تحبط العبادات بالنص والإجماع"(1). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "وأما الردة عن الإسلام، بأن يصير الرجل كافرًا، مشركًا، أو كتابيًا، فإنه إذا مات على ذلك حبط عمله باتفاق العلماء"(2).
وقال قليوبي (3) وابن عميرة (4): "واعلم أنها -أي الردة- تحبط ثواب الأعمال مطلقًا، وكذا العمل إن اتصلت بالموت إجماعا"(5).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي
(1) المجموع (2/ 75)، بتصرف يسير.
(2)
مجموع الفتاوى (16/ 30 - 31).
(3)
هو أبو العباس، أحمد بن أحمد بن سلامة، شهاب الدين القليوبي، فقيه شافعي، أهل قليوب في مصر من مصنفاته:"تحفة الراغب"، و"تذكرة قليوبي"، ولد سنة (1069 هـ). انظر: الأعلام 1/ 92، معجم المطبوعات 1/ 184، معجم المؤلفين 1/ 148.
(4)
هو أحمد البرلسي المصري، شهاب الدين، الملقب بعمبرة، الشافعي، كان عالمًا، زاهدًا، ورعًا، حسن الأخلاق، وانتهت إليه الرئاسة في تحقيق المذهب الشافعي، فاشتغل بالتدريس والإفتاء حتى أصابه الفالج، ومات به سنة (957 هـ). انظر: شذرات الذهب 8/ 316، معجم المطبوعات 3/ 1386، الأعلام 1/ 103.
(5)
حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 175).
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)} (1).
2 -
قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2).
3 -
قال تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)} (3).
4 -
قال تعالى في حق النبي صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)} (4).
5 -
كما يدل عليه عموم النصوص الدالة على أن الكافر لا يقبل منه يوم القيامة عمل، منها:
أ- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إن اللَّه لا يظلم مؤمنًا حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها للَّه في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها)(5).
ب- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول اللَّه ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال:(لا ينفعه؛ إنه لم يقل يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين)(6).
• وجه الدلالة من الأحاديث: هذه أحاديث تدل على أن الكافر لا يقبل منه عمل، والمرتد الذي مات على ردته يكون كافرًا، فيدخل ضمن هذه النصوص، واللَّه أعلم.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
(1) سورة البقرة، آية (217).
(2)
سورة المائدة، آية (5).
(3)
سورة الأنعام، آية (88).
(4)
سورة الزمر، آية (65).
(5)
صحيح مسلم (رقم: 2808).
(6)
صحيح مسلم (رقم: 214).