الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد سرقت لقطعت يدها) ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها (1).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع المرأة التي كانت تستعير المتاع ثم تجحده، وعُدَّ ذلك من السرقة.
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع محقق بين أهل العلم؛ لخلاف الظاهرية في الخائن، وخلاف الحنابلة في صورة من صور المسألة وهي قطع جاحد العارية.
[74/ 1] المسألة الرابعة والسبعون: لا تقطع يد المختلس
.
• المراد بالمسألة: أولا: تعريف الاختلاس لغة وصطلاحًا:
• الاختلاس لغة: قال ابن منظور: "الخَلْسُ: الأَخذ في نُهْزَةٍ ومُخاتلة خَلَسَه يَخلِسُه خَلْسًا وخَلَسَة إِياه فهو خالِسٌ وخَلَّاس"(2).
ويطلق الخلْس أيضًا في اللغة على الكلأ اليابس ينبت في أصلِه الرَّطِب فيختَلِط (3).
• الاختلاس اصطلاحًا: الاختلاس هو أخذ الشيء غير المُحرَز بحضرة صاحبه جهرًا مع الهرب به، ويكون باستغفال صاحب المال بدون غلبة، وقد يتفطن له صاحب المال ويكون ثمة مغالبة (4).
• ثانيًا: صورة المسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب القطع، وكان الساراق قد أخذ المال اختلاسًا، فلا قطع حينئذ.
(1) صحيح مسلم (رقم: 1688)، وأصل الحديث عند البخاري (رقم: 3288)، بدون ذكر أنها كانت تستعير المتاع ثم تجحده.
(2)
لسان العرب، مادة:(خلس)، (6/ 65).
(3)
انظر: القاموس المحيط، (1/ 697)، أساس البلاغة (1/ 236)، المحيط في اللغة، (4/ 262).
(4)
انظر: أحكام القرآن للجصاص (2/ 581)، المبسوط (9/ 140)، أسنى المطالب (4/ 146)، شرح مختصر خليل (8/ 101)، إعلام الموقعين (2/ 47)، معجم لغة الفقهاء (415)، القاموس الفقهي (119).
• من نقل الإجماع: قال ابن المنذر (318 هـ): "أجمعوا أن لا قطع على المختلس وانفرد إياس بن معاوية (1) فقال: أقطعه"(2). وقال مكي القيرواني (437 هـ): "لا قطع على مختلس أو خائن عند جماعة العلماء"(3). وقال ابن حزم (456 هـ): "القول في المختلس لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون اختلس جهارًا غير مستخف من الناس، فهذا لا خلاف فيه أنه ليس سارقًا، ولا قطع عليه.
أو يكون فعل ذلك مستخفيًا عن كل من حضر، فهذا لا خلاف بيننا وبين الحاضرين من خصومنا في أنه سارق، وأن عليه القطع" (4).
وقال ابن عبد البر (463 هـ): "قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه ليس في الخلسة قطع بلغ ثمنها ما يقطع فيه أو لم يبلغ. قال أبو عمر: هذا كما ذكره مالك أمر مجتمع عليه لا خلاف فيه"(5). وقال في موضع آخر: "أجمعوا أنه ليس على الغاصب ولا على المكابر الغالب قطع إلا أن يكون قاطع طريق"(6). وقال ابن العربي (543 هـ): "أجمعت الأمة أنه لا قطع على المختلس والمنتهب"(7).
وقال ابن رشد الحفيد (595 هـ): "أجمعوا أنه ليس في الخيانة ولا في الاختلاس قطع إلا إياس بن معاوية"(8). وقال ابن هبيرة (560 هـ): "اتفقوا على
(1) هو أبو واثلة، إياس بن معاوية بن قر المزني، البصري، القاضي، يضرب به المثل في الذكاء والعقل، روى عن أنس وجماعة، ووثقه ابن معين، ولا رواية له في الكتب الستة، مات سنة (122) هـ. انظر: التاريخ الكبير 1/ 442، تهذيب التهذيب 1/ 390، ميزان الاعتدال 1/ 131.
(2)
الإجماع (110).
(3)
الهداية إلى بلوغ النهاية (3/ 1702).
(4)
المحلى (12/ 308 - 309).
(5)
الاستذكار (7/ 573)، وانظر: التمهيد (11/ 221)، فقد نقل الإجماع كذلك.
(6)
الاستذكار (7/ 566).
(7)
أحكام القرآن (2/ 111).
(8)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 445).
أن المختلس والمنتهب والغاصب والخائن على عظم جنايتهم وآثامهم، فإنهم لا قطع على واحد منهم" (1)، ونقله عنه ابن قاسم (2). وقال ابن قدامة (620 هـ): "فإن اختطف أو اختلس لم يكن سارقًا، ولا قطع عليه عند أحد علمناه غير إياس بن معاوية، قال: أقطع المختلس: لأنه يستخفي بأخذه، فيكون سارقا، وأهل الفقه والفتوى من علماء الأمصار على خلافه" (3). وقال شمس الدين ابن قدامة (682 هـ):"لا يقطع مختطف ولا مختلس عند أحد علمناه غير إياس بن معاوية. . . وأهل الفقه والفتوى من علماء الأمصار على خلافه"(4).
وقال ابن حجر (852 هـ): "حديث: "ليس على خائن ولا مختلس ولا منتهب قطع". . . وقد أبي أجمعوا على العمل به، إلا من شذ"(5)، . وقال ابن الهمام (861 هـ):""ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع". . . وقد حكي الإجماع عنى هذه الجملة"(6). وقال ابن يونس الشلبي (947 هـ): "الاختلاس أن يأخذ من البيت سرعة جهرًا، لا قطع فيه بإجماع العلماء وفقهاء الأمصار"(7).
• مستند الإجماع: استدل الفقهاء لمسألة الباب:
1 -
عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس على خائن، ولا منتهب، ولا مختلس قطع)(8).
2 -
ما ورد عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنه لا قطع على مختلس، ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف (9).
(1) الإفصاح (2/ 214).
(2)
حاشية الروض المربع (7/ 355).
(3)
المغني (9/ 93).
(4)
الشرح الكبير (10/ 239).
(5)
فتح الباري (12/ 91 - 92).
(6)
فتح القدير (5/ 373).
(7)
حاشية ابن يونس على تبيين الحقائق (3/ 217).
(8)
أخرجه أحمد (3/ 303)، وأبو داود (رقم: 4393)، والترمذي (رقم: 1448)، والنسائي (رقم: 4971)، وابن ماجه (رقم: 2591).
(9)
المحلى (12/ 305 - 306).