الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المكره قد تجاوز اللَّه عنه خطأه، فدل على أن غير المكره مؤاخذ بفعله.
2 -
أن الأصل وجوب إقامة الحد على كل سارق ولا يستثنى منه إلا ما دل الدليل عليه.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة؛ لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[27/ 1] المسألة السابعة والعشرون: من سرق خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم، فلا يقام عليه الحد حتى يخرج من الحرم
.
• المراد بالمسألة: لو ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، وكانت سرقته في غير الحرم، ثم لجأ إلى الحرم، فإنه لا يُحَد حتى يخرج من الحرم.
= والظاهر أن منها هذا الحديث، واللَّه أعلم".
بينما صحح الحديث جماعة آخرون، منهم: الحاكم حيث قال في "المستدرك"(2/ 216): "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وصححه ابن حزم أيضًا في المحلى (3/ 427) حيث قال:"وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم" ثم ذكر الحديث. وحسنه النووي كما في "الأربعين النووية"(رقم: 39)، والمجموع (2/ 390). وقال ابن كثير في "تحفة الطالب" (271):"إسناده جيد".
وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (371): "مجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلًا". وقال ابن حجر في "فتح الباري"(5/ 161): "رجاله ثقات، إلا أنه أعل بعلة غير قادحة". والسيوطي في الأشباه والنظائر (188) حيث قال: "فهذه شواهد قوية تقضي للحديث بالصحة". وصححه الألباني كما في "إرواء الغليل"(1/ 123). وصححه أيضًا الشيخ أحمد شاكر كما نقله عنه الألباني في "إرواء الغليل"(1/ 123).
وعلي كل فالحديث حتى على القول بضعفه فإن العمل به محل اتفاق بين أهل العلم، كما قال ابن العربي في "أحكام القرآن" (3/ 163):"الخبر وإن لم يصح سنده فإن معناه صحيح باتفاق من العلماء"، وأقره على ذلك القرطبي في تفسيره (10/ 182). وانظر: البدر المنير (4/ 179)، المقاصد الحسنة (371)، تذكرة الموضوعات (91).
ويتبين من هذا أن من سرق في الحرم فإنه غير داخل في مسألة الباب؛ لأن من سرق في الحرم، فإنه يُحد في الحرم، كما حكاه ابن عبد البر إجماعًا فقال:"أجمعوا أن من قتل في الحرم وكذلك من أتى حدًا أقيم عليه في الحرم"(1).
وقال القرطبي: "وقد أجمعوا أنه لو قتل في الحرم قتل به، ولو أتى حدًا أقيد منه فيه"(2)، وقال ابن قدامة:"من انتهك حرمة الحرم بجناية فيه توجب حدًا أو قصاصًا فإنه يقام عليه حدها، لا نعلم فيه خلافًا"(3). وكذا نقله شمس الدين ابن قدامة بنفس أحرف ابن قدامة (4).
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم بعد أن ذكر المسألة عن خمسة من الصحابة: "هؤلاء من الصحابة: عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه، وابن عباس، وابن الزبير (5)، وأبو شريح (6).
ولا مخالف لهم من الصحابة رضي الله عنهم" (7).
وقال ابن القيم: "من أتى حدًا أو قصاصًا خارج الحرم يوجب القتل، ثم لجأ إليه، لم يجز إقامته عليه فيه. . . وهذا قول جمهور التابعين ومن بعدهم، بل
(1) الاستذكار (8/ 256).
(2)
تفسير القرطبي (2/ 111).
(3)
المغني (9/ 92).
(4)
انظر: الشرح الكبير (10/ 149).
(5)
هو أبو بكر، وقيل أبو خبيب، عبد اللَّه بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي، أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهو أول مولود ولد للمهاجرين بعد الهجرة، وحنكه النبي صلى الله عليه وسلم، قال مجاهد:"ما كان باب من العبادة إلا تكلفه ابن الزبير"، شهد ابن الزبير اليرموك مع أبيه، وشهد فتح إفريقية، وكان البشير بالفتح إلى عثمان، قتل سنة (73 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 3/ 363، البداية والنهاية 8/ 332، الإصابة 4/ 89.
(6)
هو أبو شريح، هانئ بن يزيد بن نهيك الحارثي، صحابي، كان يكنى أبا الحكم، لكونه يحكم بين الناس، فكناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي شريح بابنه الأكبر شريح. انظر: التاريخ الكبير 8/ 227، تهذيب الكمال 30/ 146، الإصابة 6/ 523.
(7)
المحلى (11/ 145).
لا يحفظ عن تابعي ولا صحابي خلافه" (1).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} (2).
2 -
• وجه الدلالة من الآيتين: أن اللَّه تعالى أخبر أن الحرم أمن لكل أحد، فكل من دخله فهو آمن، ولم يستثن تعالى من كان عليه الحد، فبقي على الأصل من كون الحرم أمانًا له.
3 -
عن أبي شريح أنه قال لعمرو بن سعيد -وهو يبعث البعوث إلى مكة-: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، حين تكلم به، حمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال:(إن مكة حرمها اللَّه، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يومن باللَّه واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا. . . الحديث)(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لا يحل لأحد أن يسفك دمًا في الحرم، وهو عام يدخل فيه قطع يد السارق.
• المخالفون للإجماع: ذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز إقامة حد السرقة في الحرم، سواء كان السارق قد سرق في الحرم، أو سرق خارج الحرم ثم لجأ للحرم، وهو مذهب المالكية (5)، والشافعية (6)، ورواية عن أحمد (7).
(1) زاد المعاد لابن القيم (3/ 388).
(2)
سورة البقرة، آية (125).
(3)
سورة آل عمران، آية (96 - 97).
(4)
صحيح البخاري (رقم: 104)، وصحيح مسلم (رقم: 1354).
(5)
انظر: حاشية الدسوقي (4/ 261).
(6)
انظر: المجموع (7/ 465).
(7)
انظر: المغني (9/ 90).