الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[58/ 4] المسألة الثامنة والخمسون: من حجد صفة القدرة للَّه عز وجل كفر
.
• المراد بالمسألة: من المقرر عند أهل السنة والجماعة أن اللَّه تعالى موصوف بما وصف به نفسه في كتابه أو وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، ولا تكييف، وقد وصف تعالى نفسه بأنه على كل شيء قدير، فأثبتها أهل السنة والجماعة على ما يليق به سبحانه صفة له تعالى، فمن علم بهذه الصفة من نصوص الشريعة، وخالف هذا الاعتقاد فإنه كافر، إذا قامت الحجة عليه.
ويتبين مما سبق أنه ليس المراد نفي كون اللَّه قادر، وإنما المراد نفي كون القدرة صفة له تعالى، أما نفي القدرة عنه تعالى جملة فمسألة أخرى.
• من نقل الإجماع: حكى ابن الجوزي (597 هـ) الاتفاق في المسألة، كما نقله عنه ابن حجر بقوله:"قال ابن قتيبة: قد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين، فلا يكفرون بذلك، وردَّه ابن الجوزي وقال: جحده صفة القدرة كفر اتفاقًا"(1).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
1 -
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (2).
2 -
قال تعالى: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (3).
3 -
(1) فتح الباري (6/ 523)، وانظر: حاشية الروض المربع (7/ 400).
(2)
سورة البقرة، آية (20).
(3)
سورة الطلاق، آية (12).
(4)
سورة الأنعام، آية (65).
وغيرها من الآيات الدالة على قدرته تعالى وهي كثيرة يطول حصرها.
• وجه الدلالة: أن هاتين الآيتين وغيرهما من الآيات الدالة على القدرة صريحة بأنه تعالى قدير.
4 -
في صحيح مسلم في قصة آخر من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة، وفيه:(فيقول اللَّه تعالى: يا ابن آدم ما يُصْريني (1) منك، أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ )
فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: مم تضحك يا رسول اللَّه؟ قال: (من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر)(2).
• وجه الدلالة: الحديث صريح بأنه تعالى قادر، وأن ذلك من صفاته.
5 -
إجماع أهل العلم على أن اللَّه تعالى قدير، كما حكاه غير واحد من أهل العلم، منهم أبو الحسن الأشعري حيث قال:"أجمعوا على أنه تعالى لم يزل موجودًا، حيًا، قادرًا، عالمًا، مريدًا"(3).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من المعلوم باتفاق المسلمين أن اللَّه حي حقيقة، عليم حقيقة، قدير حقيقة، سميع حقيقة، بصير حقيقة"(4).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع عند أهل السنة على أن من أنكر صفة القدرة للَّه تعالى كفر.
(1) أي ما يقطع مسألتك مني، والصَّرْي: القطع، ومنه يُقال: صَريت الشيء: إذا قطعته. انظر: شرح السنة (15/ 188)، شرح النووي (3/ 42).
(2)
صحيح مسلم، كتاب: الإيمان، باب: آخر أهل النار خروجًا، (رقم: 187).
(3)
رسالة إلى أهل الثغر لأبي الحسن الأشعري (213).
(4)
مجموع الفتاوى (3/ 218)، وانظر:(1/ 485).