الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: (أتشفع في حد من حدود اللَّه)؟ فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول اللَّه، فلما كان العشي، قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاختطب، فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم قال:(أما بعد، فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها (1).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإقامة الحدود على الشريف والوضيع، ثم ضرب بذلك مثلًا بفلذة كبده، وأعز الناس عنده، مما يدل على أنه لا فرق بين الوالد والولد.
3 -
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعافوا الحدود قبل أن تأتوني به، فما أتاني من حد فقد وجب)(2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بوجوب إقامة الحد إذا بلغ الإمام، دون التفريق بين الأب وغيره.
4 -
أن الحد حق اللَّه تعالى، فإذا بلغ الإمام وجب إقامته، وليس حق للإمام يسقطه عمن يشاء، أو عمن له عليه حق.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[24/ 1] المسألة الرابعة والعشرون: يجب القطع إن كانت السرقة في غير دار الحرب
.
• أولًا: المراد بدار الحرب: المراد بدار الحرب دار الكفر، قال المرداوي: "دار الحرب: ما يغلب فيها حكم الكفر.
(1) البخاري (رقم: 3288)، مسلم (رقم: 1688).
(2)
أبو داود (رقم: 538)، النسائي (رقم: 4885).
زاد بعض الأصحاب منهم: صاحب الرعايتين، والحاويين: أو بلد بغاة أو بدعة، كرفض واعتزال" (1).
وسئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم (2): "هل يحكم على أهل البلد بأنها بلاد كفر بظهور الشرك فيهم، أو باطباقهم عليه، أو بولايتهم؟ "
فأجاب رحمه الله بقوله: "إذا ظهر الشرك ولم ينكر ويزال حكم عليها بالكفر، ودعوى الإسلام لا تنفع فمتى وجد الشرك ظاهرًا ولم يزال حكم عليها بالكفر"(3).
• ثانيًا: صورة المسألة: إذا ثبتت السرقة على شخص بما يوجب الحد، وكان قد قام بالسرقة في دار الإسلام، لا في دار الحرب، فإنه يجب حينئذ إقامة الحد عليه.
• من نقل الإجماع: نقل ابن حزم الاتفاق على أن السرقة إن كانت في غير دار الحرب فإنه يجب القطع (4).
• مستند الإجماع: يدل على المسألة أن الأصل إقامة حد السرقة على كل سارق إلا ما استثناه الشارع، ومن سرق في دار الإسلام فإنه ليس فيه ما يمنع
(1) الأنصاف (4/ 121).
(2)
هو محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب آل التميمي، الفقيه، الحنبلي، النجدي، كان المفتي الأول للبلاد العربية السعودية، فقد بصره في الحادية عشرة من عمره، فتابع الدراسة إلى أن أتم حفظ القرآن، وكثير من الكتب والمتون، وتصدر للتدريس، وعُيَّن مفتيًا للمملكة، ثم رئيسًا للقضاة، فرئيسًا للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ورئيسًا للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، ورئيسًا لتعليم البنات في المملكة، من تصانيفه:"الجواب المستقيم" و"تحكيم القوانين"، توفي سنة (1389 هـ). انظر: مشاهير علماء نجد لعبد الرحمن آل الشيخ 169 - 184، الأعلام 5/ 306.
(3)
فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (6/ 162).
(4)
انظر: مراتب الإجماع (135).