الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن وصل الإقرار بما يفسده بطل كله، ولم يلزمه شيء، لا من مال، ولا قود، ولا حد، مثل أن يقول: لفلان علي مائة دينار، أو يقول: قذفت فلانًا بالزنى، أو يقول: زنيت، أو يقول: قتلت فلانًا، أو نحو ذلك، فقد لزمه، فإن رجع عن ذلك، لم يلتفت، فإن قال: كان لفلان علي مائة دينار وقد قضيته إياها، أو قال: قذفت فلانًا وأنا في غير عقلي، أو قتلت فلانا؛ لأنه أراد قتلي ولم أقدر على دفعه عن نفسي، أو قال: زنيت وأنا في غير عقلي، أو نحو هذا، فإن هذا كله يسقط ولا يلزمه شيء" (1).
• دليل المخالف: علل ابن حزم لمسألة الباب بما يلي:
1 -
بأن المقر قد ثبت في حقه الحد بإقراره، فادعاء سقوطه يحتاج إلى برهان وبينة، فإن لم يكن له بينة حُكم عليه بما أقر أولًا (2).
2 -
أن من أقر بالسرقة ثم رجع عنها فإيجاب الضمان عليه بغرم ما أقر بسرقته ثم رجوعه عنه باطل؛ لأنه لا يخلو من أحد أمرين:
فإما أن يكون سارقًا في الحقيقة، فيكون حينئذٍ قد أُسقط الحد في حقه.
وإما أن يكون صادقًا في رجوعه فيكون حينئذٍ إيجاب ضمان ما أقر بسرقته ظلمًا في حقه (3).
النتيجة:
يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة ليست محل إجماع بين أهل العلم؛ لثبوت الخلاف فيها.
[88/ 1] المسألة الثامنة والثمانون: إذا أدخل اللص يده في الدار وأمكنه الدخول ولم يدخل لم يقطع
.
• المراد بالمسألة: لو كان ثمة مال محرز في دار معينة، فنقب شخص الدار، وأخرج المتاع منه دون أن يَدخُله، فهل عليه القطع أم لا.
(1) المحلى (7/ 100).
(2)
انظر: المحلى (7/ 103).
(3)
انظر: المحلى (12/ 330).
وينبه إلى أن هذه المسألة هي فيما يكون الحرز فيه مما يتصور فيه الدخول، كالدار ونحوه، أما لو كان الحرز مما لا يتصور دخوله كالصندوق، أو جيب الثوب، أو ما أشبهه فَنَقبه وأخذ المال، فإنه غير داخل في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: هذه المسألة ذكرها الكاساني (587 هـ) مذهبًا لأبي حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن، واستدل لهما بقوله:"لهما: ما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال: "إذا كان اللص ظريفًا لم يقطع قيل: وكيف يكون ظريفًا؟ قال: يدخل يده إلى الدار ويمكنه دخولها"، ولم ينقل أنه أنكر عليه منكر فيكون إجماعًا"(1).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب:
1 -
أنه مروي عن علي رضي الله عنه كما سبق في نقل الإجماع (2).
2 -
من النظر: أن هتك الحرز يشترط أن يكون على سبيل الكمال؛ لأن به تتكامل الجناية، ولا يتكامل الهتك فيما يتصور فيه الدخول إلا بالدخول، ولم يوجد، بخلاف الأخذ من الصندوق، والجوالق (3): فإنَّ هتكهما بالدخول متعذر، فكان الأخذ بإدخال اليد فيها هتكًا متكاملًا يجب فيه القطع (4).
(1) بدائع الصنائع (7/ 66).
(2)
لم أجد لهذا الأثر أصل عن علي رضي الله عنه في الصحاح، أو السنن، أو المسانيد، أو المصنفات، إلا أنه قد جاء في مسند الشاشي عن عبيدة قال:"إذا كان اللص ظريفًا لم يقطع"، وكذا ورد عن عمر رضي الله عنه، إلا أن الشراح يفسرون هذا الحرف من كلام عمر بأن المراد بالظريف من كان ذا حجة باللسان، لأنه يستطيع درأ الحد عن نفسه بما أوتي من سحر في البيان. انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (1/ 251)، فيض القدير للمناوي (1/ 66).
(3)
الجوالق -بكسر الجيم واللام- و -بضم الجيم وفتح اللام وكسرها- نوع من الأوعية، وهو مفرد يُجمع على جوالق -كلفظ المفرد-، وجواليق، وجوالقات. انظر: الصحاح (5/ 140).
(4)
بدائع الصنائع (7/ 66).