الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ} (1).
حتى ختم الآية فقال: "إذا حارب الرجل وقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف وصلب، وإذا قتل ولم يأخذ المال قتل، وإذا أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإذا لم يقتل ولم يأخذ المال نفي"(2).
وأما من قال بأن التخيير راجع لما يراه الإمام هو الأصلح فاستدل بأن "أو" في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ} (3).
تقتضي التخيير، والتخيير راجع للمصلحة، لأن المراد ردع المحاربين، والإمام راعٍ على رعيته، فيقضي لهم بما هو الأصلح لهم (4).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[6/ 2] المسألة السادسة: مشروعية قتل المحاربين
.
• المراد بالمسألة: لو أن جماعة من المحاربين أفسدوا في الأرض بالقتل، وغيره من أنواع الفساد فواجب على الإمام مقاتلتهم، ومن ثَم قتلهم، وإراقة دمائهم.
• من نقل الإجماع: قال أبو بكر الجصاص (370 هـ): "لا نعلم خلافًا أن رجلًا لو شهر سيفه على رجل ليقتله بغير حق أن على المسلمين قتله"(5).
وقال ابن عبد البر (463 هـ): "أجمع العلماء على أن من شق العصا،
(1) سورة المائدة، آية (33).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (7/ 604).
(3)
سورة المائدة، آية (33).
(4)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 235)، حاشية الدسوقي (4/ 349)، تحفة المحتاج (9/ 161)، دقائق أولي النهى (3/ 383).
(5)
أحكام القرآن (2/ 564).
وفارق الجماعة، وشهر على المسلمين السلاح، وأخاف السبيل، وأفسد بالقتل والسلب، فقتلهم وإراقة دمائهم واجب؛ لأن هذا من الفساد العظيم في الأرض، والفساد في الأرض موجب لإراقة الدماء بإجماع" (1).
• مستند الإجماع: يدل على وجوب مقاتلة المحاربين الأثر والنظر:
1 -
من الأثر: آية الحرابة التي فرض اللَّه تعالى فيها حد المحاربين في قوله سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)} (2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى جعل حد الحرابة لمن قدر عليه الإمام، ولا يتحصل ذلك إلا بطلبه ومقاتلته، فإذا قدر عليه وجب قتله، لكونه حد من حدود اللَّه تعالى.
2 -
من النظر: يمكن أن يقال: أن في قتل المحاربين إذهاب للفساد في الأرض، وذلك مطلوب شرعًا.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة؛ لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم من حيث الجملة، بمعنى أن الإمام يشرع له قتل المحاربين؛ لإنهاء فسادهم.
أما من حيث التفصيل، كمسألة هل إقامة الحد بقتل من قتل منهم واجبة على الإمام أم الأمر لولي المقتول له العفو وله طلب القتل، وهل المحارب إذا لم يقتل فيُقتل أم لا. . . إلى غير ذلك من المسائل فإنها محل بحث آخر، منها هو محل خلاف مشهور، ومنها ما هو محل اتفاق، ومنها ما هو محل إجماع، وسيأتي ذكر شيء منها في ثنايا مسائل الكتاب، واللَّه تعالى أعلم.
(1) التمهيد (23/ 339).
(2)
سورة المائدة، آية (33).