الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)} (1).
5 -
6 -
7 -
عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا أحد أغير من اللَّه، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحب إليه المدح من اللَّه، ولذلك مدح نفسه)(4).
• وجه الدلالة من النصوص السابقة: أن نصوص السابقة جاءت صريحة بتحريم الفواحش، فمن استحلها، فقد استحل ما حرمه اللَّه تعالى.
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[85/ 4] المسألة الخامسة والثمانون: من سب نبيًا قُتل
.
• المراد بالمسألة: مما استقرت عليه نصوص الشريعة أن للَّه تعالى أنبياء أرسلهم اللَّه تعالى يبلغون رسالات ربهم، وقد سمى اللَّه بعضهم مع ذكر قصصهم، وسمى آخرين دون ذكر قصصهم، وثمة أنبياء آخرين لم يسمهم اللَّه تعالى، ومما حكمت به هذه الشريعة وجوب الإيمان بكل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن سب واحدًا منهم ممن أُجمع
(1) سورة الأنعام، آية (151).
(2)
سورة الأعراف، آية (28).
(3)
سورة البقرة، آية (268).
(4)
صحيح البخاري، كتاب: التفسير، باب: سورة الأنعام، (رقم: 4358)، وصحيح مسلم، كتاب: التوبة، باب: غيرة اللَّه تعالى وتحريم الفواحش، (رقم: 2760).
على نبوته فيجب قتله ردة، إلا إن تاب.
ويتحصل مما سبق أنه لو كان ممن في نبوته خلاف كلقمان، أو كان من سبه قد تاب، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب، وكذا لو حكم الحاكم بقتله من باب التعزير لا من باب الردة فتلك مسألة مخالفة لمسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال إسحاق بن راهويه (238 هـ): "أجمع المسلمون على أن من سب اللَّه عز وجل، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئًا مما أنزل اللَّه تعالى، أو قتل نبيًا من أنبياء اللَّه تعالى، أنه كافر بذلك، وإن كان مقرًا بكل ما أنزل اللَّه"، نقله عنه ابن عبد البر (1) وابن تيمية (2).
وقال محمد بن سحنون (256 هـ): "أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر، والوعيد جارٍ عليه بعذاب اللَّه له، وحكمه عند الأمة: القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر"، نقله عنه القاضي عياض (3).
وقال القاضي عياض (544 هـ). "من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم تعمد الكذب فيما بلغه، وأخبر به، أو شك في صدقه، أو سبه، أو قال إنه لم يبلغ، أو استخف به، أو بأحد من الأنبياء، أو أزرى عليهم، أو آذاهم، أو قتل نبيًا، أو حاربه، فهو كافر بإجماع"(4). وذكر النووي (676 هـ) أن تنقيص الأنبياء "كفر بلا خلاف"(5). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "من سب نبيًا من الأنبياء فهو كافر يجب قتله باتفاق العلماء"(6).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب ما يلي:
(1) انظر: التمهيد (4/ 226).
(2)
انظر: الصارم المسلول (1/ 9).
(3)
الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 215 - 216).
(4)
الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 284).
(5)
المجموع (1/ 119).
(6)
الصفدية (2/ 311)، وانظر: مجموع الفتاوى (10/ 290)، (35/ 123)، الجواب الصحيح (2/ 344)، (2/ 371)، الصارم المسلول (1/ 261).
1 -
2 -
3 -
4 -
5 -
قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ. . .} الآية (5).
6 -
قال تعالى بعد ذكره لجملة من الأنبياء: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى
(1) سورة النساء، آية (150 - 152).
(2)
سورة البقرة، آية (285).
(3)
سورة البقرة، آية (136).
(4)
سورة آل عمران، آية (84).
(5)
سورة البقرة، آية (177).
وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89)} (1).
7 -
وقال تعالى: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)} (2)، أي كذب بأنبياء اللَّه تعالى كما قاله القرطبي (3).
• وجه الدلالة من الآيات السابقة: في الآيات السابقة دلالة صريحة على وجوب الإيمان بجميع الرسل، وأن الإيمان ببعض دون ببعض كفر بهم جميعًا.
• المخالفون للإجماع: نقل ابن حزم خلافًا في مسألة الباب فقال: "اختلف الناس فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو نبيًا من الأنبياء ممن يقول أنه مسلم، فقالت طائفة: ليس ذلك كفرًا، وقالت طائفة: هو كفر، وتوقف آخرون في ذلك"(4).
وهذا الخلاف وإن كان في قتل من سب نبيًا لا في كفره، إلا أن مسألة الباب مبينة على أن القتل من باب الردة.
• دليل المخالف: استدل القائلون بأن من سب نبيًا فإنه لا يقتل ردة بما في الصحيحين من حديث عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناسًا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب، فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: واللَّه إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه اللَّه، فقلت: واللَّه لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته، فأخبرته، فقال:(فمن يعدل إذا لم يعدل اللَّه ورسوله، رحم اللَّه موسى؛ قد أوذي بأكثر من هذا فصبر)(5).
(1) سورة الأنعام، آية (83 - 89).
(2)
سورة طه، آية (48).
(3)
انظر: تفسير القرطبي (11/ 204).
(4)
المحلى (12/ 431).
(5)
صحيح البخاري (رقم: 2981)، واللفظ له، وصحيح مسلم (رقم: 1062).