الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا تقرر هذا فمن استحل النظر للأمرد فقد رد الشرع والإجماع، وذلك كفر (1).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[81/ 4] المسألة الحادية والثمانون: استحلال مؤاخاة النساء الأجانب والخلوة بهن؛ لتحصيل البركة كفر
.
• المراد بالمسألة: من المقرر في نصوص الشريعة تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية التي ليست محرمًا له، والمراد هنا: أن من فعل ذلك مستحلًا له فقد كفر، إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، بخلاف من فعل ذلك معتقدًا للحرمة، فإنها معصية لا تبلغ الكفر.
• من نقل الإجماع: شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "ومن هؤلاء من يستحل بعض الفواحش، كاستحلال مؤاخاة النساء الأجانب، والخلو بهن، زعمًا منه أنه يحصل لهن البركة بما يفعله معهن، وإن كان محرمًا في الشريعة، وكذلك من يستحل ذلك من المردان، ويزعم أن التمتع بالنظر إليهم ومباشرتهم هو طريق لبعض السالكين، حتى يترقى من محبة المخلوق إلى محبة الخالق،
(1) وقد استدل بعض أهل العلم بأحاديث مرفوعة لكن لا يصح منها شيء، فمن ذلك ما ذكره الزيلعي في "التلخيص الحبير" (3/ 308) حيث قال:"حديث: "أن وفدا قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعهم غلام حسن الوجه، فأجلسه من ورائه، وقال:(أنا أخشى ما أصاب أخي داود)، قال ابن الصلاح: ضعيف لا أصل له.
ورواه ابن شاهين في الأفراد من طريق مجالد، عن الشعبي قال:"قدم وفد عبد القيس على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفيهم غلام أمرد ظاهر الوضاءة، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم وراء ظهره وقال: (كان خطية داود النظر)، ذكره ابن القطان في كتاب أحكام النظر وضعفه، ورواه أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط في نسخته، ومن طريقه أبو موسى في الترهيب وإسناده واه".
وكذا استدلال بعضهم بحديث: (اتقوا النظر إلى الصبيان فإنه لا أصل له) ".
ويأمرون بمقدمات الفاحشة الكبرى، وقد يستحلون الفاحشة الكبرى، كما يستحلها من يقول إن التلوط مباح بملك اليمين، فهؤلاء كلهم كفار باتفاق المسلمين" (1)، ونقله عنه المرداوي (2).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أن الكتاب والسنة والإجماع:
• أولًا: من الكتاب: قول اللَّه تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (3).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أمر بغض البصر عما حرمه تعالى، ومنه النظر إلى غير المحرم، ومؤاخاة الأجانب الخلوة بهن هو سبيل لتحصيل النظر.
• ثانيًا: من السنة:
1 -
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء)، فقال رجل من الأنصار: يا رسول اللَّه أفرأيت الحمو (4)؟ قال: (الحمو الموت)(5).
• وجه الدلالة من الحديث: أن اللَّه تعالى حرم الخلوة بالنساء، ثم بيَّن أن ذلك في كل امرأة غير محرم حتى لو كانت امرأة الأخ، وأن ذلك بمنزلة الموت، مما دل على خطورة ذلك الأمر وتحريمه.
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم)، فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه امرأتي خرجت حاجة، واكتتبت في
(1) مجموع الفتاوى (11/ 405).
(2)
انظر: الإنصاف (8/ 30).
(3)
سورة النور، آية (30 - 31).
(4)
قال الخليل في "العين"(3/ 311): "الحَمْوُ: أبو الزّوج وأخو الزّوج وكلّ من ولي الزّوج من ذي قرابته فهم أحماء المرأة"، والمراد به في الحديث قرابة الزوج غير المحارم للزوجة.
(5)
صحيح البخاري (رقم: 4934)، وصحيح مسلم (رقم: 2172).
غزوة كذا وكذا؟ قال: (ارجع فحج مع امرأتك)(1).
3 -
عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب، إلا أن يكون ناكحًا، أو ذا محرم)(2).
4 -
عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص - ر ضي اللَّه عنه-: أن نفرًا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق -وهي تحته يومئذ- فرآهم، فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: لم أر إلا خيرًا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(إن اللَّه قد برأها من ذلك) ثم قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: (لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان)(3).
5 -
عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تلجوا على المغيبات (4)؛ فإن الشيطان يجرى من أحدكم مجرى الدم)، قلنا: ومنك؟ قال: (ومني، ولكن اللَّه أعانني عليه فأسلم)(5).
6 -
عن عمر رضي الله عنه قال: قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقامي فيكم فقال: (استوصوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى إن الرجل ليبتدئ بالشهادة قبل أن يسألها، فمن أراد منكم بحبحة الجنة فليلزم الجماعة؛ فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما)(6).
(1) صحيح البخاري (رقم: 2844)، وصحيح مسلم (رقم: 1341).
(2)
صحيح مسلم (رقم: 2171).
(3)
صحيح مسلم (رقم: 2173).
(4)
أي النساء التي غاب عنها زوجها أو محرمها.
(5)
أخرجه أحمد (22/ 227)، والترمذي (رقم: 1172)، وفي سنده مجالد بن سعيد وهو ضعيف.
(6)
أخرجه أحمد (1/ 269)، والترمذي (رقم: 2303)، قال الترمذي:"حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"، ورجاله كلهم رجال الشيخين، إلا علي بن إسحاق المروزي، وثقه النسائي وابن حبان وغيرهما، كما في تهذيب التهذيب (7/ 250)، وقال ابن حجر في "تقريب التهذيب" (690):"ثقة من العاشرة".