الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلوات الخمس، فهذا القول بكفر منكره محل إجماع بين أهل العلم.
الثاني: أن تكون المسألة ليست مما هي معلوم من الدين بالضرورة، فليست محل إجماع محقق، والنزاع فيها مشهور كما حكاه ابن تيمية.
[51/ 4] المسألة الحادية والخمسون: الإسلام ناسخ لجميع الشرائع، ولا ينسخه دين بعده، ومن خالف ذلك كفر
.
• المراد بالمسألة: المراد بمسألة الباب أن دين محمد صلى الله عليه وسلم ناسخ لجميع الأديان السابقة، فلا يسع أحدًا أن يتبع اليهودية، أو النصرانية، أو غيرها من الأديان، بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن دينه عليه السلام لا ينسخه شرع آخر، فلا يمكن لأحد أن يدعي النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ويحكم بشرع جديد، حتى أن عيسى عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان فإنه يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "صح الإجماع بأن دين الإسملام نسخ كل دين كان قبله، وأن من التزم ما جاءت به التوراة أو الإنجيل، ولم يتبع القرآن فإنه كافر مشرك"(1). وقال في موضع آخر: "اتفقوا أن دين الإسلام ناسخ لجميع الأديان قبله، وأنه لا ينسخه دين بعده أبدًا، وأن من خالفه ممن بلغه كافر مخلد في النار أبدًا"(2).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "وليس لأحد ممن أدركه الإسلام أن يقول لمحمد: أني على علم من علم اللَّه علَّمنيه اللَّه لا تعلمه، ومن سوَّغ هذا أو اعتقد أن أحدًا من الخلق الزهاد والعباد أو غيرهم له الخروج عن دعوة محمد ومتابعته، فهو كافر باتفاق المسلمين"(3).
• مستند الإجماع: أدلة مسألة الباب متوافرة من الكتاب والسنة منها:
(1) المحلى (6/ 144).
(2)
مراتب الإجماع (267).
(3)
مجموع الفتاوى (11/ 426).
1 -
2 -
قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} (2).
3 -
قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} (3).
4 -
5 -
قال ابن كثير في تفسير الآية: "هذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته، صَلوات اللَّه وسلامه عليه إلى جميع الخلق، كما هو معلوم من دينه ضرورة"(6).
• أما أدلة السنة فمنها:
1 -
ما في الصحيحين من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي
(1) سورة الأعراف، آية (158).
(2)
سورة سبأ، آية (28).
(3)
سورة الفرقان، آية (1).
(4)
سورة الأحزاب، آية (40).
(5)
سورة آل عمران، آية (20).
(6)
تفسير ابن كثير (2/ 26).
يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) (1).
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار)(2).
3 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (فُضِّلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأُرسلت إلى الخلق كافة، وخُتم بي النبيون)(3).
4 -
عن أبى موسى رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (أعطيت خمسًا: بعثت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأحلت لي المغانم ولم تحل لمن كان قبلي. . . الحديث)(4).
5 -
عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تسالوا أهل الكتاب عن شيء؛ فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل، أو تكذبوا بحق، فإنه لو كان موسى حيًا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني) (5).
(1) صحيح البخاري (رقم: 328)، وصحيح مسلم (رقم: 521).
(2)
صحيح مسلم، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، (رقم: 521).
(3)
صحيح مسلم الملل بملة (رقم: 153).
(4)
أخرجه أحمد (32/ 512)، قال ابن كثير في تفسيره (3/ 491):"إسناده صحيح"، وأخرجه أحمد أيضًا من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وصحح الألباني إسناده كما في الإرواء (1/ 317).
(5)
أخرجه أحمد (22/ 468)، وفي سنده مجالد بن سعيد، وهو ضعيف، قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6/ 286):"في حديثه لين. . . قال البخاري: كان يحيى بن سعيد يضعفه، وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يروي له شيئا، وكان أحمد بن حنبل لا يراه شيئا يقول: ليس بشيء، وقال أحمد بن سنان: سمعت عبد الرحمن يقول: مجالد حديثه عند الأحداث: يحيى بن سعيد، وأبي أسامة ليس بشيء، ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد، وهشيم، وهؤلاء القدماء -يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره-. . . وقال أحمد: مجالد ليس بشيء، يرفع حديثًا لا يرفعه الناس، وقد احتمله الناس، وقال ابن معين: لا يحتج به، وقال مرة: ضعيف".
6 -
عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب، فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب فقال:(أمتهوِّكون (1) فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لفد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني) (2).
7 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء (3)، كلَّما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي. . . الحديث) (4).
8 -
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (5) أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك،
= لكن يشهد له ما أخرجه البخاري (رقم: 2539) عن ابن عباس قال: "يا معشر المسلمين: كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار باللَّه تقرؤونه لم يشب، وقد حدثكم اللَّه أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب اللَّه، وغيروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هو من عند اللَّه ليشتروا به ثمنًا قليلًا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟ ولا واللَّه ما رأينا منهم رجلًا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم. .
(1)
أي: أُمُتَحَيِّرون أنتم في الإسلام حتى تاخذوه من اليَهود. انظر: تهذيب اللغة (6/ 184)، غريب الحديث لابن سلام (3/ 29).
(2)
أخرجه أحمد (23/ 349)، والحديث في سنده مجالد بن سعيد الهمداني، قال ابن حجر في فتح الباري (13/ 334):"ورجاله موثوقون إلا أن في مجالد ضعفًا"، وقد سبق كلام الذهبي في مجالد. لكن قوى الألباني الحديث بالشواهد فقال في إرواء الغليل (6/ 34 - 35):"الحديث قوي؛ فإن له شواهد كثيرة".
(3)
أي يتولون أمورهم، والسياسة: هي القيام على الشيء بما يصلحه، فكان بنو إسرائيل إذا ظهر فيهم فساد بعث اللَّه لهم نبيًا يقيم لهم أمرهم، ويزيل ما غيَّروا من أحكام التوراة. انظر: شرح النووي (12/ 231)، فتح الباري (6/ 497).
(4)
صحيح البخاري، كتاب: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، (رقم: 3268)، وصحيح مسلم، كتاب: الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، (رقم: 1842).
(5)
هو أبو إسحاق، سعد بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرضي الزهري، كان سابع سبعة في الإسلام، شهد بدرًا والحديبية وسائر المشاهد، وهو أحد الستة الذين جعل عمر فيهم الشورى وأخبر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض، =
واستخلف عليًا، فقال علي رضي الله عنه: أتخلفني في الصبيان والنساء؛ قال صلى الله عليه وسلم: (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي)(1).
9 -
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي)(3).
10 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (نحن الأخرون، ونحن السابقون يوم القيامة)(4).
11 -
في صحيح البخاري أن إسماعيل (5) قال لابن أبي أوفى (6) رضي الله عنه: "رأيتَ
= وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وكان مجاب الدعوة مشهورًا بذلك، هو أول من رمى بسهم في سبيل اللَّه، فتح اللَّه على يده أكثر فارس، ولما قتل عثمان اعتزل الفتنة ولزم بيته، مات سعد بالعقيق، وحُمل إلى المدينة فصلي عليه هناك سنة (56) هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 1/ 93؛ الإصابة 3/ 73؛ تهذيب التهذيب 3/ 483.
(1)
صحيح البخاري (رقم: 3503)، مسلم، (رقم: 2404).
(2)
هو أبو محمد، جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي، كان من أنسب قريش للعرب، وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم، وفيمن حسن إسلامه منهم، ويقال إن أول من لبس طيلسانًا بالمدينة جبير بن مطعم، مات بالمدينة سنة (57) هـ. انظر: العبر في خبر من غبر 1/ 59، سير أعلام النبلاء 3/ 95، الإصابة 1/ 225.
(3)
صحيح البخاري (رقم: 3339)، وصحيح مسلم (رقم: 2354)، واللفظ له.
(4)
صحيح البخاري (رقم: 856)، وصحيح مسلم (رقم: 855).
(5)
هو إسماعيل بن أبي خالد، واسم أبي خالد سعد، وقيل: كثير، وقيل: هو من البجلي الأحمسي، مولاهم، تابعي كوفي، أحد الأئمة الأعلام الأثبات، كان يُسقى الميزان، وهو أعلم الناس بحديث الشعبي، مات سنة (145 هـ). انظر: الجرح والتعديل 2/ 174، سير أعلام النبلاء 6/ 176، شذرات الذهب 2/ 207.
(6)
هو أبو إبراهيم، عبد اللَّه بن أبي أوفى، واسم أبي أوفى علقمة بن قيى بن خالد بن الحارث الأسْلَمي، شهد الحديبية، وخَيْبَر، وما بعد ذلك من المشاهد، وكان من أصحاب الشجرة، ولم =