الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم)، ثم نظر إليه وهو مقفٍّ فقال:(إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وقراءتكم مع قراءتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)(1)، وفي رواية:(قتل ثمود)(2)، وفي رواية:(لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل)(3)، وفي رواية:(أينما لقيتوهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة)(4).
3 -
فعل الصحابة رضوان اللَّه تعالى عليهم، فإن أبا بكر رضي الله عنه قاتل مانعي الزكاة، وعلي رضي الله عنه قاتل أهل الجمل وصفين (5).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[16/ 3] المسألة السادسة عشرة: من قاتل الفئة الباغية ممن له أن يقاتلها، وهي خارجة ظلمًا على إمام عادل، واجب الطاعة، صحيح الإمامة، فلم يتبع مدبرًا، ولا أجهز على جريح منهم، ولا أخذ لهم مالًا، أنه قد فعل في القتال ما وجب عليه
.
• المراد بالمسألة: إذا خرجت فئة باغية ظلمًا على إمام عادل واجب الطاعة، فقام رجل مع الإمام بمقاتلة الفئة الباغية، وهو في قتاله لا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم، ولا يأخذ منهم مالًا، فإنه قد فعل ما أمر به الشرع في القتال ضد البغاة.
(1) البخاري (رقم: 6995)، مسلم (رقم 1064).
(2)
البخاري (رقم: 4099)، مسلم (2064) عن أبي سعيد رضي الله عنه.
(3)
مسلم (رقم: 1066).
(4)
البخاري (رقم: 3415)، مسلم (رقم: 1066) عن علي رضي الله عنه.
(5)
انظر: شرح النووي (7/ 170).
ويتحصل من هذا أن الفئة لو لم تكن خرجت ظلمًا، بل خرجت لطلب حق لها، أو لنهي عن معصية أمر بها الإمام، وكذا لو لم يكن الإمام عادلًا، أو لم تكن إمامته صحيحة متفق عليها، أو كان المقاتل من أهل العدل ممن يتبع مدبر البغاة، أو يقتل جرحهم، أو يأخذ أموالهم، فكل ذلك غير مراد في مسألة الباب.
• من نقل الإجماع: قال ابن حزم (456 هـ): "اتفقوا أن من قاتل الفئة الباغية ممن له أن يقاتلها، وهي خارجة ظلمًا على إمام عدل، واجب الطاعة صحيح الإمام، فلم يتبع مدبرًا، ولا أجهز على جريح، ولا أخذ لهم مالًا، أنه قد فعل في القتال ما وجب عليه"(1).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة، لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم (2).
(1) مراتب الإجماع (209).
(2)
وثمة تنبيهان على هذه المسألة:
الأول: ليس مراد ابن حزم أن من خالف شيء من ذلك بأن يكون أتبع مدبرهم، أو أجهز على جريحهم، أو قاتل مع إمام غير عادل، إلى غير ذلك، أن من فعل شيئًا من ذلك فقد خالف ما يجب عليه، وإنما مراده أن من تقيد بهذه الشروط فالإجماع قائم على صحة فعله، فإن خالف شيئًا من ذلك فإن المسألة حينئذ محل خلاف بين أهل العلم، في صواب فعله أو خطئه، وقد حكى أبو بكر الجصاص أنه لا خلاف في عدم قتل مدبر البغاة، ولا الإجهاز على جريحهم، وما ذكره الجصاص من عدم المخالف منازَع فيه، ولذا ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن البغاة إن كانوا هاربين إلى فئة يلجئون إليها، أو معقل يجتمعون فيه ليتداركوا أمرهم ويستعدوا للحرب أخرى، فإنه يقتل مدبرهم. أما إن كانوا هاربين إلى غير فئة فإنه لا يتبع مدبرهم.
وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وإليه ذهب الحنفية، وابن حزم، وهو مذهب الهادوية، وبعض الشافعية، ووجه في مذهب أحمد. انظر: المحلى (11/ 337 - 338)، أحكام القرآن للجصاص (3/ 600)، فتح القدير (6/ 103 - 104)، المغني (9/ 9 - 10)، مجموع الفتاوى (3/ 538)، نيل الأوطار (7/ 201).