الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، يجعلهم واسطة فيما بينه وبين اللَّه تعالى، ويصرف إليه أنواعًا من العبادة كالدعاء أو التوكل، فإن ذلك كفر.
• من نقل الإجماع: قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "من جعل بينه وبين اللَّه وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم: كفر إجماعًا"، نقله عنه ابن مفلح (1)، والمرداوي (2)، والبهوتي (3)، والرحيباني (4)، وابن قاسم (5).
• مستند الإجماع: يدل على المسألة أن اتخاذ الوسائط هو من فعل المشركين الذين حكى اللَّه تعالى كفرهم بقوله سبحانه: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)} (6).
النتيجة:
لم أجد من خالف في المسألة لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم.
[75/ 4] المسألة الخامسة والسبعون: من آذى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كفر
.
• المراد بالمسألة: حرَّم اللَّه تعالى أذية نبيه صلى الله عليه وسلم، فمن تعمد إيذاءه بقول أو فعل فقد كفر، فالأقوال كاتهامه بأنه ساحر أو كاهن أو مجنون، ومن الأفعال كسر رباعيته، وشج وجهه، والاستهزاء به برسومات معيَّنة، إلى غير ذلك من أنواع الأذى.
• من نقل الإجماع: قال القاضي عياض (544 هـ): "من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم تعمد الكذب فيما بلغه وأخبر به، أو شك في صدقه، أو سبه، أو قال إنه لم يبلغ، أو استخف به، أو بأحد من الأنبياء، أو أزرى عليهم، أو آذاهم، أو قتل
(1) الفروع (6/ 165).
(2)
الإنصاف (10/ 327).
(3)
كشاف القناع (6/ 168).
(4)
مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (6/ 279).
(5)
حاشية الروض المربع (7/ 400).
(6)
سورة الزمر، آية (3).
نبيًا، أو حاربه، فهو كافر بإجماع" (1)، ونقله عنه المواق (2)، وابن عليش (3).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) في كلامه على سب النبي صلى الله عليه وسلم: "الساب إن كان مسلمًا فإنه يكفر، ويقتل، بغير خلاف"(4). قال ابن حجر (852 هـ): "أذى النبي صلى الله عليه وسلم حرام اتفاقًا، قليله وكثيره"(5).
ويضاف إليها من نقل الإجماع على قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن القتل مبني على أنه ارتد بالسب، وممن نقل الإجماع على ذلك: قال إسحاق بن راهوية (238 هـ): "أجمع المسلمون على أن من سب اللَّه عز وجل، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئًا مما أنزل اللَّه تعالى، أو قتل نبيًا من أنبياء اللَّه تعالى، أنه كافر بذلك، وإن كان مقرًا بكل ما أنزل اللَّه"(6). وقال محمد بن سحنون (256 هـ): "أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم والمتنقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب اللَّه له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر"، نقله عنه القاضي عياض (7)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (8).
وحكى الإجماع على ذلك أبو بكر الفارسي (305 هـ)، حيث نقله عنه ابن تيمية (728 هـ) فقال: "وقد حكى أبو بكر الفارسي -من أصحاب الشافعي- إجماع المسلمين على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل، كما أن حد من سب غيره الجلد، وهذا الإجماع الذي حكاه هذا محمول على إجماع الصدر الأول من الصحابة والتابعين، أو أنه أراد به إجماعهم على أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يجب
(1) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 284).
(2)
التاج والإكليل لمختصر خليل (8/ 373).
(3)
منح الجليل شرح مختصر خليل (9/ 210).
(4)
الصارم المسلول (1/ 10).
(5)
فتح الباري (9/ 329).
(6)
نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد (4/ 226)، وشيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول (1/ 9).
(7)
انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 214 - 215).
(8)
انظر: الصارم المسلول (1/ 9).
قتله إذا كان مسلمًا" (1)، ونقله عن أبي بكر الفارسي ابن حجر (2)، والمطيعي (3)، والشوكاني (4).
وقال ابن المنذر (318 هـ): "أجمعوا على أن من يسب النبي صلى الله عليه وسلم له القتل"، نقله عنه القرطبي (5)، وابن حجر (6)، وأبو الطيب (7)، والشوكاني (8). وقال الخطابي (388 هـ):"لا أعلم أحدًا من المسلمين اختلف في وجوب قتله"(9)، ونقله عنه القاضي عياض (10) وابن تيمية (11)، والمطيعي (12)، وابن حجر (13).
وقال ابن القاسم (191 هـ): "من سبه، أو شتمه، أو عابه، أو تنقصه، فإنه يقتل، وحكمه عند الأمة: القتل"، نقله عنه القاضي عياض (14).
وقال ابن عبد البر (463 هـ): "روي عن ابن عمر أنه قيل له في راهب سب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لو سمعته لقتلته" ولا مخالف له من الصحابة علمته"(15). وقال القاضي عياض (544 هـ): "أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه"(16).
وقال ابن تيمية (728 هـ): "أذى الرسول من أعظم المحرمات؛ فإن من آذاه فقد آذى اللَّه، وقتل سابه واجب باتفاق الأمة"(17). وقال ابن القيم (751 هـ) لما
(1) الصارم المسلول (1/ 9).
(2)
انظر: فتح الباري (12/ 281).
(3)
انظر: المجموع (19/ 427).
(4)
انظر: نيل الأطار (7/ 424).
(5)
تفسير القرطبي (8/ 82).
(6)
انظر: فتح الباري (12/ 281).
(7)
انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود (12/ 12).
(8)
نيل الأوطار (7/ 424).
(9)
معالم السنن (3/ 295).
(10)
انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 216).
(11)
انظر: الصارم المسلول (1/ 9).
(12)
انظر: المجموع (19/ 427).
(13)
انظر: فتح الباري (12/ 281).
(14)
الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 216).
(15)
التمهيد (6/ 168).
(16)
الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 211)، وانظر: نفس المصدر (2/ 214).
(17)
مجموع الفتاوى (15/ 169).
ذكر جملة من الأدلة على قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم: "وفي ذلك بضعة عشر حديثا ما بين صحاح وحسان ومشاهير وهو إجماع الصحابة"(1).
• مستند الإجماع: يدل على مسألة الباب أدلة منها:
1 -
• وجه الدلالة: أخبر تعالى أن أذية النبي صلى الله عليه وسلم محادة للَّه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وتوعد ذلك بالعذاب الأليم، وبالخلود في النار، والخلود لا يكون إلا للكافر.
2 -
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)} (3).
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى توعد من آذاه بالعذاب المهين، قال ابن تيمية:"ولم يجئ إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار"(4).
3 -
لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم قتل كعب بن الأشرف قال: (من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى اللَّه ورسوله)(5).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل علة إباحة قتل كعب، هو أذيته للَّه ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
4 -
قول أسيد بن الحضير رضي الله عنه في قصة الإفك: "إن كان من الأوس قتلناه"(6).
• وجه الدلالة: أن أسيد أخبر أن القائل بأن عائشة زنت، حقه أن يقتل، ولم
(1) زاد المعاد (5/ 54).
(2)
سورة التوبة، آية (61 - 63).
(3)
سورة الأحزاب، آية (57).
(4)
مجموع الفتاوى (15/ 366).
(5)
البخاري (رقم: 3811)، مسلم (رقم: 1801).
(6)
صحيح البخاري (رقم: 2518)، وصحيح مسلم (رقم: 2770).