الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يبعها بعد، وشراؤه لها ليس تجارة، فلم يحصل فيها فعلٌ صيرها للتجارة، وليس إلا النية، وذلك كالمسافر ينوي الإقامة؛ لأنها تحصل بالنية.
ثم العجب من قول الشيخ: إن السفر والتجارة عمل، فما لم يوجد لا يحكم به، والإقامة والخدمة ترك العمل، فإن التجارة إن أراد بها: نفس البيع والشراء، فهذا عمل لا شك فيه، وإن قصد: أن صيرورتها للتجارة عمل، فغير مسلم.
وقوله: الإقامة والخدمة ترك العمل فمسلم في الإقامة، ممنوع غاية المنع في الخدمة فإنها عمل، وتصيير العبد للتجارة ترك عمل؛ لأن المعد للتجارة لا يستخدم غالبًا، فإذا صار للخدمة أخذ فيها، وإذا كان للخدمة فنوي [9/ب] للتجارة ترك الخدمة وأخذ في الرفاهية لتزيد قيمته، فقد بان بهذا/ أن الخدمة عمل، وربما فهم من هذا التقرير: أنه إذا نوى المعد للتجارة للقنية لا تصير إلا بعمل ولا تكفي النية، وليس هذا بمقصود لنا، بل نقول: تكفي النية في ذلك؛ لأن القنية أعم من الخدمة، فافهمه توفق للصواب إن شاء الله تعالى.
فَصل
67 - إذا ملك بالوصية عروضًا، ونواها حال تملكها للتجارة، صارت للتجارة وزكاها
(1).
ولو ملكها بالميراث، ونوى ذلك لم تصر للتجارة (2).
والفرق: أن الوصية سببٌ يحصل به الملك من جهته، بدليل: أنه لو لم يقبل لم يملك، فصار كالاشتراء إذا نوى به التجارة.
وليس كذلك الميراث؛ لأنه يملكه قهرًا، ولأنه يدخل في ملكه رضي أم سخط، وإذا لم يوجد منه سبب كان كما لو نوى ما يملكه للقنية للتجارة، فإنه
(1) انظر: المغني، 3/ 31، الشرح الكبير، 1/ 671، الإقناع، 1/ 276، شرح منتهى الإرادات، 1/ 407.
(2)
انظر: الهداية، 1/ 73، المقنع، 1/ 330، المحرر، 1/ 218، الإقناع، 1/ 276.
لا يصير للتجارة، فكذلك هنا (1).
وقد قررنا (2): أن ذلك يصير للتجارة، فكذا هذا.
فصل
68 -
إذا خرصت الثمار (3) على أربابها، وجب على الخارص أن يترك لهم الثلث أو الربع (4).
فاما الزروع، فقال القاضي: قياس المذهب أن لا يترك لهم منها شيء (5).
والفرق: أن الأصل أن لا يوضع من الثمار، ولا من الزروع، لكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضع في الثمار بقوله:"إذا خرصتم فدعوا الثلث أو الربع "، رواه أبو داود (6) والترمذي (7) وغيرهما (8)، بقيت الزروع على مقتضى الأصل.
وأيضًا: النفوس تتوق إلى الثمار أكثر من الزروع (9).
(1) انظر: المغني، 3/ 31، الشرح الكبير، 1/ 671.
(2)
قوله (وقد قررنا
…
إلخ) يشير إلى ما قرره واختاره في الفصل السابق: من أن القنية إذا نوى بها التجارة أنها تكون لها بمجرد النية، وهي رواية في المذهب، كما تقدم.
وهو هنا أيضًا يرى هذا الحكم في مسألة ملك العروض بالإرث، حيث يرى: أنه يصير للتجارة إذا نواه لها بمجرد النية.
(3)
خرص الثمار: الحزر والتقدير لثمرتها. انظر: المطلع، ص، 132، القاموس المحيط، 2/ 300.
(4)
انظر: الهداية، 1/ 71، الكافي، 1/ 306، الفروع، 2/ 433، الإقناع، 1/ 264.
(5)
وهو الصحيح في المذهب.
انظر: المغني، 2/ 710، الفروع، 2/ 434، الإنصاف، 3/ 111، الإقناع، 1/ 264.
(6)
في سننه، 2/ 110.
(7)
في سننه، 3/ 35.
(8)
النسائي في سننه، 5/ 42، وأحمد في المسند كما في الفتح الرباني، 9/ 13، والحاكم في المستدرك، 1/ 402، وقال: صحيح الإسناد، وله شاهد بإسناد متفق على صحته أن عمر بن الخطاب أمر به، ووافق الذهبي الحاكم على صحته.
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير، 2/ 172: في إسناده عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، قال فيه ابن القطان: لا يعرف.
(9)
انظر: المغني، 2/ 710، الشرح الكبير، 1/ 650.