الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصل
769 - تصح الشهادة بالإقرار بالمجهول
.
ولا تصح بالمجهول.
والفرق: أن الإقرار بالمجهول يصح، كقوله: له عليَّ شيء، ويلزم بتفسيره، فصحت الشهادة به، والشهادة بالإقرار بالشيء غير الشهادة به، بدليل: ثبوت الإقرار بالزنا باثنين، ولا يقبل في إثباته إلا أربعة، فيثبت ما ذكرنا.
بخلاف الشهادة بالمجهول، فإن البينة إنما سميت بينة لتبيينها ما تشهد به وكشفها عنه، / فإذا لم تبينه فليست بينة، فلا تقبل (1). [87/ أ]
فَصل
770 - إذا ادعى شراء دار وتسليم الثمن، وأقام بذلك شاهدين عدلين ولم يسميا الثمن، والبائع ينكر قبضه، فشهادتهما باطلة
.
ولو شهدا على إقرار البائع بالبيع وقبض الثمن ولم يسميا، فشهادتهما جائزة.
قال السامري: والفرق بينهما ما ذكره الكرابيسي (2): أنهما لما شهدا بالبيع وقبض الثمن وجب الحكم به، فإذا كان مجهولًا فقد جهل في وقت يحتاج إلى الحكم به، فلو قضينا لقضينا بعقد بيع من غير ثمن وذلك لا يصح، فلم يجز القضاء بهذه الشهادة.
بخلاف ما إذا شهدا أن البائع أقر بقبض الثمن، فإنه لا يوجب الحكم بالثمن بعد القبض، فقد جهل في وقت لا يحتاج إلى الحكم به، فلم يمنع صحته.
(1) انظر الفصل في: فروق السامري، ق، 165/ ب. (العباسية).
(2)
في فروقه، 2/ 154.
قال السامري (1): والفرق عندي: أن شهادتهما بالبيع بثمن تسلمه البائع شهادة بقبض البائع للثمن، فإذا لم يسميا مبلغه فإن هذه الشهادة لا تقبل، وإذا لم تقبل بطل ذكر الثمن، وإذا بطل ذكره بقي مجرد الشهادة بالمبيع من غير الثمن، وهذه الشهادة لا تصح.
بخلاف ما إذا شهدا على إقرار البائع بالبيع وقبض الثمن، فإنهما قد شهدا عليه بما يصح به البيع، فهو كما لو شهدا أنه باع بقطعة ذهب معينة في العقد، مجهولة الوزن والقيمة، وقبضها، فإنه يصح؛ لأن المقصود معرفة المتبايعين بالعوضين وهو حاصل، فلا يقدح في ذلك جهل الشهود، كما لو أقر البائع بذلك عند الحاكم فإنه يصح، ولا يسأله عن الثمن، فكذا هنا.
قلت: وفيما حكاه عن الكرابيسي نظر، فإن الموجود في فروقه خلاف ما سطره عنه.
فإن الكرابيسي قال: مسألة: إذا ادعى شراء دار، وشهد له شاهدان بالشراء ولم يسميا الثمن، والبائع ينكر البيع (2) فشهادتهما باطلة.
ومثله لو شهدا على إقرار البائع بالبيع وقبض الثمن، و [لم يـ](3) سمياه فشهادتهما جائزة.
والفرق: أن البيع لا يعرى عن الثمن ولا يتم إلا به، فالحكم بالبيع يوجب الحكم بالثمن إذا كان قبل القبض، فإذا لم يسميا الثمن فقد جهل مقداره فلا يمكن الحكم به، فقد جهل الثمن في وقت يجب الحكم به، وجهالة ما يجب الحكم به تمنع صحته، كبيع شيء مجهول ونحوه.
ولا كذلك بعد القبض؛ لأن الحكم لا يجب بالثمن بعد قبضه، فقد جهل الثمن في وقت لا يجب الحكم به، وجهالة ما لا يجب الحكم به لا تمنع صحة الحكم، كما لو جهلا الكيس الذي هو فيه فإنه/ لا يقدح في [87/ ب]
(1) في فروقه، ق، 166/ أ. (العباسية).
(2)
الذي في فروق الكرابيسي، 2/ 154:(ينكر الثمن).
(3)
من: المصدر السابق.
شهادتهما، فكذلك ههنا. هذا آخر كلامه (1).
والفرق بين ما ذكره السامري أولًا، وبين ما بدأ به الكرابيسي واضح، فإن السامري فرض الدعوى في المسألة الأولى بالشراية وتسليم الثمن، وأن الشاهدين لم يسميا الثمن، ثم ذكر فرق الكرابيسي.
والكرابيسي لم يذكر في الأولى أن المشتري (2) ادعى تسليم الثمن، وإنما (3) ذكر الدعوى بالشراء كما قد رأيت كلامه، ولا ريب أن الحق فيما فرضه الكرابيسي؛ لأن الثمن يحتاج إلى قبضه في الأولى، فلا بد من العلم به.
وأما في الثانية فلا حاجة إلى ذلك؛ لأن الشهادة بالقبض تبرئ ذمة المشتري، وبعد براءتها لا حاجة إلى معرفة ما برئت منه.
وما نقل السامري فلا يجيء الفرق، فإن الشهادة وقعت بقبض الثمن في المسألتين، فلم يبق فرق، وهذا ظاهر لا يحتاج إلى زيادة إيضاح.
(1) يفهم من كلام المصنف هذا: أنه نقل كلام الكرابيسي بنصه، وليس هو كذلك بل فيه اختلاف.
لذا رأيت أن أنقل ما ذكره الكرابيسي بحرفه حتى يتضح للقارئ ما ذكره، ويظهر ما في نقل السامري، والزريراني عنه من اختلاف، ربما يكون سببه اختلاف النسخ لديهما.
قال الكرابيسي في فروقه، 2/ 154: (إذا ادعى شراء دار وشهد له شاهدان بالشراء، ولم يسميا الثمن، والبائع ينكر الثمن، فشهادتهما باطلة.
ولو شهدا على إقرار البائع بالبيع، وقبض الثمن، ولم يسميا الثمن فشهادتهما جائزة.
والفرق: أنهما لما شهدا على قبض الثمن وجب الحكم بالثمن، فإذا كان الثمن مجهولًا فقد جهل الثمن في وقت يحتاج إلى الحكم به، والثمن لا يجوز أن يكون مجهولًا، فلو قضيناه لقضينا بعقد بيع من غير ثمن، وعقد البيع من غير ثمن لا يصح، فلا يجوز القضاء بهذه الشهادة.
وليس كذلك إذا شهدوا أن البائع أقر بقبض الثمن؛ لأنه لا يجب الحكم بالثمن بعد القبض فقد جهل بالثمن في وقت لا يحتاج إلى الحكم به، فلم يمنع صحته، كما لو جهلا الكيس الذي فيه الدراهم).
(2)
في الأصل (البائع) ولعل الصواب ما أثبته كما يدل عليه سياق الكلام.
(3)
في الأصل (وأما).