الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن مظاهر الاهتمام بهذه المكتبات والعناية بها: أنه كان يعين لها خُزَّان، ومشرفون، وغيرهم من الموظفين، يقومون على ترتيبها والعناية بها، وكان بعض هؤلاء من العلماء البارزين المشهورين (1)، ومن أشهر خُزَّان الكتب - في العصر المتحدث عنه - خازن مكتبة المدرسة المستنصرية العلامة أبو بكر التفتازاني الحنفي (ت بعد 701 هـ)(2)، وخازنها الآخر العلامة كمال الدين ابن
الفوطي الحنبلي (ت 723 هـ)(3)، كما تولى الإشراف على هذه الخزانة العلامة محيي الدين ابن العاقولي الشافعي (ت 768 هـ)(4).
هذا وقد كان في بغداد من المكتبات العامة المستقلة في زمن الدولة العباسية (19) مكتبة (5)، ويبدو أن الذي بقي منها، وسلم من التلف بعد سقوط بغداد استمر على ما هو عليه، حيث ورد تفويض أمر هذه الخزائن والعناية بها في زمن الدولة المغولية إلى ثلاثة من كبار الأدباء والمؤرخين في بغداد (6).
المطلب الثاني مشاهير العلماء ببغداد
حفلت بغداد - في عصر المصنف - بأعداد كثيرة من العلماء، وطلاب العلم في أنواع مختلفة من العلوم والفنون، وبرز فيها أئمة كبار، وعلماء مشاهير، تميزوا بمكانتهم العلمية العالية، وتبوَّؤا مكانًا عليًا بين علماء الأمة
= وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ، 4/ 1493 عن هذه الخزانة، وخزانة كتب الرصد:"وليس في البلاد أكثر من كتب هاتين الخزانتين" وكذا قاله ابن رجب في ذيل الطبقات، 2/ 374.
(1)
انظر: الحياة الفكرية في العراق، ص، 205.
(2)
انظر: تاريخ علماء المستنصرية، 2/ 359.
(3)
انظر: تاريخ علماء المستنصرية، 2/ 342.
(4)
انظر: تاريخ علماء المستنصرية، 2/ 360.
(5)
انظر: دليل خارطة بغداد، ص، 254 - 255.
(6)
انظر: الحياة الفكرية في العراق، ص 103 - 104.
الإسلامية، حتى أصبحوا مقصدًا لطلاب العلم من مختلف المدن والأقطار الإسلامية.
وقد سجلت كتب التواريخ والتراجم (1) التي تعنى بالقرن الثامن الهجري أعدادًا كثيرة من علماء بغداد في ذلك العصر، ومما يدل على كثرة العلماء والمتعلمين في بغداد آنذاك ما ذكره الإمام الذهبي في ترجمة العلامة/ محمود بن علي الدقوقي الحنبلي (ت 733 هـ): أنه كان يحضر إقراءه للحديث بدار الحديث ببغداد خلق كثير، يبلغون عدة آلاف (2)، كما ذكر الإمام ابن
رجب في ترجمة العلامة جمال الدين الخضري (ت 765 هـ): أنه كان يحضر درسه بمسجد يانس ببغداد الخلق الكثير، منهم المدرسون والأكابر (3)، وقد ترجم في منتخب المختار (تاريخ علماء بغداد) لـ (201) من علماء بغداد، جلُّهم في القرن الثامن الهجري، كما ترجم ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة لحوالي (40) شخصية علمية من علماء الحنابلة ببغداد في ذلك العصر ممن نشأ فيها، أو قدمها للدراسة بها، بينما ذكر الأستاذ ناجي معروف (250) شخصية علمية من رجالات العلم بالمدرسة المستنصرية ببغداد جلُّهم في العهد المغولي، وكان كثير منهم من علماء العصر المذكور على وجه الخصوص.
هذا وأشير إلى أن العلماء في بغداد من مختلف المذاهب الأربعة كانوا فيها بأعداد كثيرة، إلا أن الغالبية منهم كانوا من علماء الحنابلة، ويبدو ذلك ظاهرًا من خلال الاطلاع على كتب التراجم التي تعنى بعلماء هذا العصر، وعلى الخصوص منها: كتاب منتخب المختار (تاريخ علماء بغداد)، وكتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة.
(1) من هذه الكتب: منتخب المختار (تاريخ علماء بغداد)، تلخيص مجمع الآداب، المعجم المختص، البداية والنهاية، ذيل طبقات الحنابلة، الدرر الكامنة، شذرات الذهب، وغيرها.
(2)
انظر: المعجم المختص، ص، 277، وكذا قاله ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة، 2/ 422.
(3)
أنظر: ذيل طبقات الحنابلة، 2/ 413.