الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
122 - قد تقدم: أنَّه إذا ذكر أنَّه طاف لأحد النسكين غير طاهر لم يجزئاه عن الفرض، وعليه القضاء
(1).
ولو فرغ من أحد النسكين، ثم شك هل طاف فيه أم لا؟ أجزأه (2).
والفرق: أنَّه يحكم بصحة النسك إذا فرغ منه، فلا تزول الصحة بالشك، كما لو شك بعد الوضوء، هل أخلَّ بشيء من أعضائه؟
بخلاف المسألة الأولى، فإنه قد تيقن بطلان أحد الطوافين، فلزمه أشد الأمرين، كمن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها، فإنه يلزمه خمس صلوات (3).
فَصْلٌ
123 - إذا حج عن نفسه، ثم أراد أن يعتمر عن غيره، أو حج عن غيره ثم أراد أن يعتمر عن نفسه
، لزمه أن يحرم بالعمرة من الميقات، فإن أحرم بها من أدنى الحل فعليه دم، ومتى كان النسكان عن اثنين، لزمه أن يحرم بالثاني حجًا كان أو عمرة من الميقات. نص عليه (4)، فإن أحرم بالحج من مكة، أو بالعمرة من أدنى الحل، فعليه دم (5).
(1) تقدمت المسألة في الفصل السابق.
(2)
هذه المسألة من فروع قاعدة: (لا أثر للشك في العبادة بعد الفراغ منها).
انظر: المغني، 3/ 378، الشرح الكبير، 2/ 217، القواعد لابن رجب، ص 340، كشاف القناع، 2/ 483.
وقال ابن عبد القوي في عقد الفرائد وكنز الفوائد، 1/ 69:
وما الشك من بعد الفراغ مؤثرٌ
…
يقاس على هذا جميع التعبد
(3)
انظر: فروق السامري، ق، 29/ ب.
(4)
انظر: مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله، ص، 323، ومسائل الإمام أحمد لابن هانئ، 1/ 176.
(5)
في رواية في المذهب اختارها طائفة من فقهاء المذهب، وجزم بالقول بها القاضي.
والصحيح في المذهب: أنَّه يحرم من مكة للحج، ومن أدنى الحل للعمرة، ولا دم عليه. =
ومتى كان النسكان عن واحدٍ مثل: إن حج أو اعتمر عن نفسه، فإنه يجوز أن يعتمر بعد ذلك عن نفسه مرارًا من أدنى الحل، ولا دم عليه (1).
والفرق: أنَّه يجب الإحرام من المواقيت المشروعة، فمتى أحرم دونها لزمه دم، فإذا كان النسكان عن واحد فأحرم بالأول من الميقات حجًا كان أو عمرة، فالنسك الآتي بعده تبع له (2).
بخلاف ما إذا كان لاثنين، فإن الإحرام بالأول من ميقاته يحصل لصاحبه النسك، فلو جوز أن يفعل نسكًا آخر عن غيره من غير الميقات المشروع في حق الثاني أدى إلى الإحرام دون الميقات، وذلك لا يجوز، فإذا خالف لزمه دم (3)، فظهر الفرق.
= انظر: المغني، 3/ 260، الكافي، 1/ 388، الشرح الكبير، 2/ 106، الفروع، 3/ 278، المبدع، 3/ 110.
وقد ضعف صاحب المغني الرواية التي ذكرها المصنف، وجزم بها القاضي فقال رحمه الله في: 3/ 260: (وما ذكره القاضي تحكم لا يدل عليه خبر، ولا يشهد له أثر، وما ذكره من المعنى فاسد لوجوه:
* الأول: أنَّه لا يلزم أن يكون مريدًا للنسك عن نفسه حال مجاوزة الميقات، فإنه قد يبدو له بعد ذلك.
* الثاني: أن هذا لا يتناول من أحرم عن غيره.
* الثالث: أنَّه لو وجب بهذا الخروج إلى الميقات للزم المتمتع والمفرد؛ لأنهما تجاوزا الميقات مريدين لغير النسك الَّذي أحرما به.
* الرابع: أن المعنى في الَّذي يجاوز الميقات غير محرم، أنَّه فعل ما لا يحل له فعله، وترك الإحرام الواجب عليه في موضعه، فأحرم من دونه).
(1)
انظر: الكافي، 1/ 389، الشرح الكبير، 2/ 105 - 106، الفروع، 3/ 278، الإقناع، 1/ 346.
(2)
انظر: فروق السامري، ق، 30/ أ.
(3)
انظر: المغني، 3/ 260، الكافي، 1/ 388، الشرح الكبير، 2/ 106.
فَصْلٌ
124 -
إذا أحرم مطلقًا ثم عين تمتعًا، أو إفرادًا أو قرانًا (1) جاز (2).
ولو أحرم بصلاةٍ أو صومٍ ولم يعيِّن ما أحرم به لم يجز (3).
والفرق: أن الحج والعمرة ليس من شرط صحة الإحرام بهما التعيين، بدليل: ما روي عن علي وأبي موسى رضي الله عنها: (أنهما لما قدما من اليمن محرمين قالا: إهلالٌ كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقرهما) رواه مسلم (4) من حديث علي رضي الله عنه، وبدليل جواز فسخ الحج (5) إلى العمرة للقارن والمفرد إذا لم يقفا بعرفة، ولا ساقا هديًا، فإذا جاز صرف الإحرام/ المعين إلى غيره، فصرف [16/ب] الإحرام المطلق أولى.
بخلاف الصلاة والصوم؛ لأن من شرط صحة الإحرام بهما التعيين، وهذا هو الأصل، ولولا ما ورد في الحج لكان كذا (6).
(1) التمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من مكة أو قربها في عامه.
الإفراد: أن يحرم بالحج وحده.
القران: أن يحرم بالعمرة والحج معًا، أو يحرم بالعمرة، ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها إلا لمن معه الهدي، فيصح ولو بعد السعي.
انظر: المقنع، 1/ 394، الإقناع، 1/ 350، شرح المنتهى، 2/ 13.
(2)
انظر: المقنع، 1/ 397، المحرر، 1/ 236، الفروع، 3/ 333، غاية المنتهى، 1/ 394.
(3)
انظر: الكافي، 1/ 126، 350، المحرر، 1/ 52، 228، الفروع، 3/ 40، منتهى الإرادات، 2/ 72، 219.
(4)
في صحيحه، 4/ 59، والبخاري في صحيحه، 1/ 271.
وروى حديث أبي موسى: البخاري في صحيحه، 1/ 271 ومسلم في صحيحه، 4/ 44.
(5)
بل هو مستحب، ومن عبر بالجواز من الحنابلة، فمرادهم فرض المسألة مع المخالف، كما قاله في الفروع والإنصاف.
انظر: المقنع، 1/ 396، المحرر، 1/ 236، الفروع، 3/ 328، الإنصاف، 3/ 446.
(6)
انظر: فروق السامري، ق، 30/ ب.