الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
121 - إذا تحلل من عمرته ووطئ، ثم أحرم بالحج وكمله ووطئ، ثم ذكر أنَّه طاف أحد الطوافين بغير طهارة ولم يعلم أيهما
.
فإن كان في حج وعمرة واجبين لم يجزئاه، وعليه فعلهما.
وإن كان تطوعًا لم يلزمه قضاؤهما. ذكره القاضي في المجرد.
والفرق: أنَّه يحتمل صحتهما فيجزئا، ويحتمل بطلانهما فلا يجزئا، والأصل بقاء ما في الذمة، فلا يزول بالشك.
وأما في التطوع أيضًا، فيحتمل الصحة فلا قضاء، والبطلان فيجب، والأصل براءة الذمة (1).
بيان احتمال صحتهما: أن يكون طواف العمرة بطهارة فقد صحت، وطواف الحج بغير طهارة فيعيده (2) الآن، فتصح حجته، وعليه دم التمتع، ودم لوطئه في الحج قبل طوافه، فعلى هذا صح منه النسكان.
وبيان بطلانهما: أن يكون طواف العمرة بغير طهارة، فلا يعتد به، وقد حلق فيها فعليه دم، وقد وطئ قبل التحلل فأفسدها فعليه دم، ثم قد أحرم بالحج على عمرة فاسدة فلم ينعقد، وإنما هو ماض في عمرة فاسدة، فسقط وقوفه وتوابعه من أفعال الحج، ويقع طوافه وسعيه له عنها، ويتحلل منها، فعلى هذا قد أفسد العمرة، وعليه دم الحلق فيها (3)، ودم لإفسادها، وعليه
(1) انظر: المغني، 3/ 379، الشرح الكبير، 2/ 217، الفروع، 3/ 504، المبدع، 3/ 223، الإنصاف، 4/ 18، الإقناع، 1/ 383، غاية المنتهى، 1/ 427، مطالب أولي النهى، 2/ 402.
وقد ذكرت هذه المصادر وغيرها هذه المسألة، وأن الحكم فيها: أن يبني على الأمر الأشد ليبرئ ذمته بيقين، ولم تفرق بين كون النسك واجبًا أو تطوعًا سوى ما ذكره في غاية المنتهى بقوله (ويتجه: ولا يقضي تطوعًا للشك، والاحتياط القضاء) وتابعه
شارحه في مطالب أولي النهى، معللًا بما علل به المصنف هنا.
(2)
في الأصل (فيعديه) والتصويب من فروق السامري، ق، 29/ ب.
(3)
إنما ذكر المصنف الدم هنا من باب ذكر أحد أنواع الفدية، وإلا فإنه لا يلزم، إذ أن =
[16/أ] قضاؤها، ويبقى الحج كأنه لم يوجد / إحرامه به. فعلى هذا قد فسد حجه وعمرته، وعليه وإن: هما شاتان بكل حال؛ لأنه لا ينفك من وجوبهما عليه؛ لأنه إن كان طواف العمرة بغير طهارة، فعليه دم الحلاق فيها، ودم لفسادها.
وإن كان طواف الحج بغير طهارة فعليه دم التمتع، ودم الوطء في الحج قبل طوافه، فقد اتضح بما ذكرناه الفرق بينهما (1).
= فدية حلق المحرم رأسه على التخيير بين ثلاثة أشياء: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة.
انظر: المقنع، 1/ 416، المحرر، 1/ 238، منتهى الإرادات، 1/ 260، الروض المربع، 1/ 141.
(1)
انظر الفرق باختصار في: المغني، 3/ 379، الشرح الكبير، 2/ 217، الإنصاف، 4/ 19، كشاف القناع، 2/ 485، مطالب أولي النهى، 2/ 402 - 403.
هذا، والحكم باحتمال بطلان النسك في المسألة المذكورة مبني على القول باشتراط الطهارة للطواف، وهو الصحيح في المذهب، على أن في المذهب قولين آخرين في حكم الطهارة للطواف.
* الأول: أن الطهارة واجبة يجب بتركها دم، وفي قول: إن الدم يسقط عن الناسي والمعذور.
* الثاني: أن الطهارة سنة، وقد اختار هذا القول ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم وفي هذا يقول شيخ الإسلام:(تبين لي أن طهارة الحديث لا تشترط في الطواف، ولا تجب فيه بلا ريب، ولكن تستحب فيه الطهارة الصغرى، وليس في الشريعة ما يدل على وجوب الطهارة الصغرى فيه) مجموع الفتاوى، 26/ 199.
وبناءً على هذين القولين في حكم الطهارة للطواف، فإن النسك على كلا الاحتمالين المذكورين في المسألة صحيح، وليس فيه احتمال للبطلان إلا أنَّه على القول بوجوب الطهارة يجب بتركها دم؛ لأن في ترك الواجب دم، وفي قول: إن الدم يسقط أيضًا
عن الناسي والمعذور، وأما على القول: بأن الطهارة سنة، فلا شيء في تركها. والله أعلم.
انظر: الكافي، 1/ 433 - 434، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 26/ 123، 199، 221، إعلام الموقعين، 3/ 33 - 40، الفروع، 3/ 501، الإنصاف، 4/ 16.