الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
172 - إذا اشترى شيئًا فوجد به عيبًا، فاختار إمساكه والمطالبة بأرش عيبه، قُوِّم صحيحًا ومعيبًا، ونسب تفاوت القيمتين إلى الثمن الذي اشتري به، ورجع به
(1). مثاله: أن يشتري عبدًا بمائةٍ، فيجد به عيبًا، قُوِّم صحيحًا بمائتين، ومعيبًا بمائةٍ وستين، فيرجع هنا على البائع بخمس الثمن، وهو عشرون.
ولو حدث بالمبيع عييبٌ عند المشتري، وجوز رده (2) بالعيب القديم، لزم أن يرد معه أرش العيب الحادث عنده، فيُقوَّم المبيع وبه العيب القديم، ويُقوَّم والقديم والحادث فيه، فيرد التفاوت غير منسوب إلى الثمن (3).
والفرق: أنه لو وجب في الأولى ما نقصه العيب غير منسوب إلى الثمن، لاجتمع الثمن والمثمن للمشتري فيما إذا اشتراه بمائة وقيمته مأئتان، فظهر فيه عيب نقصه نصف قيمته، فإذا رجع بذلك منسوبًا إلى الثمن لم يتأت ذلك أبدًا (4).
بخلاف أرش (5) العيب الحادث عند المشتري، فإنه لا يؤدي إلى اجتماع [21/ب] الثمن والمثمن /لواحد، ويعتبر قيمة هذا يوم العقد؛ لأن الزيادة بعده على
(1) انظر: الكافي، 2/ 84، المحرر، 1/ 324، الفروع، 4/ 105، الإقناع، 2/ 96.
(2)
وهو الصحيح في المذهب كما تقدم بيانه في الفصل (165).
(3)
انظر: المغني، 4/ 164، الشرح الكبير، 2/ 282، المبدع، 4/ 91، الإقناع، 4/ 79.
(4)
انظر: المغني، 4/ 163، الشرح الكبير، 2/ 280، المبدع، 4/ 88، كشاف القناع، 3/ 219 - 220.
(5)
الأرش لغة: على وزن عرش، وهو دية الجراحة، وما يدفع بين السلامة والعيب في السلعة، وأصله الفساد، واستعمل في النقص في أعيان الأشياء.
انظر: المصباح المنير، 1/ 12، القاموس المحيط، 2/ 261.
وأرش العيب اصطلاحًا: قسط ما بين قيمة الشيء صحيحًا ومعيبًا.
انظر: الإقناع، 2/ 97، منتهى الإرادات، 1/ 362.
ملك المشتري، فلا تقوم عليه (1).
فصل
173 -
إذا تبايعا ذهبًا بورقٍ عينًا بعينٍ (2)، فوجد أحدهما فيما اشتراه عيبًا من جنسه (3)، لم يكن له البدل (4).
ولو تبايعا ذلك بالصفة، ثم تقابضاه في المجلس، ثم وجد أحدهما بما قبضه عيبًا من جنسه، فله البدل (5).
والفرق: أن النقود تتعين بالعقود، فالعقد وقع على هذه العين، فلا يجوز تغييره، كما لو وجد بعبدٍ اشتراه عيبًا، فإنه لا يملك إبداله، فكذا هنا (6).
(1) انظر: المبدع، 4/ 91، كشاف القناع، 3/ 221، مطالب أولي النهي، 3/ 116.
(2)
هو أن يقول: بعتك هذا الدينار بهذه الدراهم، ويشير إليهما، وهما حاضران.
انظر: المغني، 4/ 47.
(3)
أي: من جنس المعيب، كالسواد في الفضة، والوضوح في الذهب.
وأما الذي ليس من جنسه، فمثل الرصاص في الفضة، والصفر في الذهب.
انظر: المبدع، 4/ 152، الإقناع، 2/ 121.
(4)
ويكون له الخيار بين: فسخ العقد والرد، وبين الإمساك، فإن اختار الإمساك، وكان العوضان من جنس واحد فليس له أرش العيب، لفوات المماثلة المشترطة في الجنس الواحد، وإن كانا من غير جنس واحد كما مثل المصنف، فله أرش العيب ما دام في المجلس، فإن كان بعد التفرق فله الأرش من غير جنس الثمن، كأن يأخذ في عيب فضةٍ برًا ونحوه؛ لأنه لا يعتبر قبضه في المجلس إذا بيع بنقد.
انظر: المغني، 4/ 48، الشرح الكبير، 2/ 434، الفروع، 4/ 164، كشاف القناع، 3/ 267.
(5)
أو أرش العيب ما دام في المجلس، والعوضان من جنسين كما مثل المصنف، فإن كان بعد التفرق فله إمساكه مع الأرش، وله رده، وأخذ بدله في مجلس الرد.
انظر: المغني، 4/ 52، الشرح الكبير، 2/ 435، الفروع، 4/ 165، الإقناع، 2/ 121.
(6)
انظر: المغني، 4/ 48، الشرح الكبير، 2/ 434، المبدع، 4/ 153، كشاف القناع، 3/ 267.
بخلاف الثانية، فإن العقد وقع على شيء في الذمة، فإذا دُفع إليه شيٌ كان عوض ما في الذمة، فإذا وجده على غير الصفة الثابتة في الذمة كان له إبداله (1).
فصل
174 -
إذا كان لانسان على آخر دينار دينًا، فأحال به على من له عليه دينارٌ دينًا، فصارف (2) به المحال للمحال عليه جاز. نص عليه في رواية بكر بن محمَّد (3) عن أبيه.
ولو أحاله بالدينار على من لا يستحق عليه شيئًا، فقبلها، ثم صارفه لم يجز. نقله عنه ابن القاسم.
والفرق: أن الحوالة في الأولى حوالة صحيحة، نقلت الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فجاز أن يصارفه عليه، كما لو صارف من له عليه ثمن مبيع أو نحوه.
بخلاف الثانية، فإن الحوالة فيها باطلةٌ، فهو اقتراض المحيل من المحال عليه، والمحتال نائبٌ في المعنى للمحيل في الاقتراض، ومن اقترض دراهم أو دنانير لم يجز مصارفته عنها قبل قبضها؛ لأنه لم يملكها بعد، وإذا لم يملكها فهو مصارف بالعوض الذي يثبت في ذمته بالقرض، فيكون صرفًا بنسيئةٍ
(1) انظر: المغني، 4/ 52، الشرح الكبير، 2/ 435، المبدع، 4/ 154، كشاف القناع، 3/ 268.
(2)
الصرف لغة: فضلُ الدراهم بعضه على بعض في الجودة.
انظر: المصباح المنير، 1/ 338، القاموس المحيط، 3/ 161.
واصطلاحًا: بيع نقد بنقد.
انظر: الإقناع، 2/ 120، منتهى الإرادات، 1/ 380.
(3)
هو: أبو أحمد بكر بن محمَّد بن الحكم، النسائي الأصل، البغدادي المنشأ، تتلمذ على الإِمام أحمد، وروى عنه مسائل كثيرة، قال عنه الخلال: كان أبو عبد الله يقدمه ويكرمه، وعنده مسائل كثيرة سمعها من أبي عبد الله.
انظر: طبقات الحنابلة، 1/ 119، المنهج الأحمد، 1/ 381.