الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بخلاف الواسعة، فإنَّه لم يمنع الاجتياز (1).
وأما إذا حفر بئراً في السابلة فإن الغالب حصول الأذى بها، ضيقاً كان أو واسعاً، فافترقا (2).
قلت:
فَصْل
633 - إذا سقط رجلٌ في حفرةٍ فجذب ثانياً، وجذب الثاني ثالثاً، وجذب الثالث رابعاً، فلما صاروا فيها قتلهم أسدٌ أو أفعى، فدم الأول هدرٌ وعليه دية الثاني، وعلى الثاني دية الثالثة، وَعلى الثالث دية الرابع
.
ولو تدافع أو تزاحم عند الحفرة جماعةٌ، فسقط فيها منهم أربعةٌ متجاذبين، فعلى قبائل الذين حضروا وتزاحموا للأول ربع ديته، وللثاني ثلثها، وللثالث نصفها، وللرابع دية كاملة (3).
والفرق: أن الأول (4) في الأولى (5) سقط بفعل نفسه، لا بفعل غيره، فكان دمه هدراً كموته حتف أنفه، وعليه دية الثاني لأنه جذبه، وعلى الثاني دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع لذلك (6). وهذا هو القياس.
= انظر: الكافي، 4/ 61 - 62، الشرح الكبير، 3/ 223، الإنصاف، 6/ 225 - 226، كشاف القناع، 4/ 122.
(1)
انظر: الروايتين والوجهين، 2/ 350، المغني، 8/ 340، الشرح الكبير، 5/ 221.
(2)
انظر: فروق السامري، ق، 111/ ب.
(3)
انظر المسألتين كما ذكرهما المصنف في: المحرر، 2/ 137.
والصحيح في المذهب: أن الحكم في الثانية كالحكم في الأولى، دون تفريق بينهما.
انظر: الفروع، 6/ 10، الإنصاف، 10/ 46 - 47، الإقناع، 4/ 204، منتهى الإرادات، 2/ 426.
(4)
في الأصل (الأولى).
(5)
في الأوصل (الأول).
(6)
انظر: الكافي، 4/ 69، المبدع، 8/ 337، كشاف القناع، 6/ 14.
ولكنَّ المسألة الثانية خالف فيها إمامنا رضي الله عنه القياس (1)، لما روى هو في المسند (2) عن حنش بن المعتمر (3) عن علي رضي الله عنه قال:(بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبيةً (4) للأسد، فبينا هم كذلك يتدافعون إذ [73/ أ] سقط رجلٌ/ فتعلق بآخر، ثمَّ تعلق الرجل بآخر حتى صاروا فيها أربعةً، فجرحهم الأسد، فانتدب له رجل بحربة (5) فقتله، وماتوا من جراحهم كلهم، فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر ليقتتلوا، فأتاهم علي عليه السلام، فقال (6): أتريدون أن تقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيٌ، إني أقضي بينكم بقضاءٍ إن رضيتم به
فهو القضاء، وإلا حجر بعضكم على بعض (7) حتى تأتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فيكون هو الذي يقضي بينكم، فمن عدا بعد ذلك فلا حق له، فاجمعوا من قبائل الذين حفروا البئر ربع الدية، وثلث الدية، ونصف الدية، والدية كاملة، فللأول ربع الدية لأنه هلك من فوقه ثلاثة، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية،
(1) قال ابن القيم في إعلام الموقعين، 2/ 39: (والصواب: أنَّه مقتضى القياس والعدل، وهذا يتبين بأصل وهو: أن الجناية إذا حصلت من فعل مضمون ومهدر سقط ما يقابل المهدر، واعتبر ما يقابل المضمون، كما لو قتل عبداً مشتركاً بينه وبين غيره، أو
أتلف مالاً مشتركاً، أو حيواناً، سقط ما يقابل حقه، ووجب عليه ما يقابل حق شريكه).
(2)
انظر: الفتح الرباني، 16/ 58.
(3)
الكناني، الكوفي، صحب علي بن أبي طالب، وروى عنه عدة أحاديث.
قال ابن حجر: صدوق له أوهام ويرسل، وأخطأ من عدَّه في الصحابة.
انظر: الكامل في ضعفاء الرجال، 2/ 844، تقريب التهذيب، 1/ 205، الإصابة، 2/ 81.
(4)
الزبية: على وزن غرفة، حفرة تحفر للأسد أو الصيد في موضع عالٍ، ويغطى رأسها بما يسترها ليقع فيها.
انظر: النهاية في غريب الحديث، 2/ 295، المطلع ص 357.
(5)
الحربة: آلة من حديد، من آلات الحرب، قصيرة محددة الرأس، تشبه الرمح.
انظر: المصباح المنير، 1/ 127، المعجم الوسيط، 1/ 164.
(6)
في الأصل (فقالوا).
(7)
بهذا اللفظ (حجر بعضكم على بعض) أورده في مجمع الزوائد، 6/ 287، والذي في الفتح الرباني بلفظ (حجز بعضكم عن بعض).
وللرابع الدية كاملة، فأبوا أن يرضوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم فقصوا عليه القصة، فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ورواه سعيد بن منصور في سننه (1) أيضاً، فقال: ثنا أبو عوانة (2) وأبو الأحوص (3) عن سماك (4) عن حنش فذكروه.
وكثير من أصحابنا رحمهم الله يستدلون على المسألة الأولى بقصة علي رضي الله عنه، كما فعل أبو الخطاب (5)، وتابعه على ذلك صاحب المستوعب (6)، وغيره، والصواب: أنهما مسألتان لكلٍ منهما حكمٌ كما بينت. والله أعلم.
(1) ورواه البزار في مسنده، 2/ 306، وقال:(ولا نعلم له طريقاً عن علي إلا عن هذا الطريق).
قال في مجمع الزوائد، 6/ 287:(رواه أحمد، وفيه حنش، وثقه أبو داود، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. . . ورواه البزار وقال: لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد).
(2)
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي البزاز، إمام جليل، محدث، ثقة حافظ.
توفي سنة 175 هـ رحمه الله.
انظر: سير أعلام النبلاء، 8/ 217، تهذيب التهذيب، 11/ 116.
(3)
هو سلّام بن سليم الحنفي بالولاء، الكوفي، محدث، ثقة، حافظ.
توفي سنة 178 هـ رحمه الله.
انظر: سير أعلام النبلاء، 8/ 281، تهذيب التهذيب، 4/ 282.
(4)
هو أبو المغيرة سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي، البكري، الكوفي.
قال ابن عدي: هو من كبار تابعي الكوفيين، وأحاديثه حسان، وهو صدوق لا بأس به.
توفي سنة 123 هـ.
انظر: الكامل في ضعفاء الرجال، 3/ 1299، تهذيب التهذيب، 4/ 232.
(5)
في الهداية، 2/ 86.
(6)
3/ ق، 15/ ب.