الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
93 - إذا تلبس بنفل صوم أو صلاة لم يلزمه إتمامه، ولا قضاؤه إن أفسده
.
ولو تلبس بنفل حج أو عمرة لزمه ذلك (1).
والفرق: ما روي عن جويرية بنت الحارث (2) رضي الله عنها قالت: (دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة، وأنا صائمة، فقال لي: أصمت أمس، قلت: لا، قال: أتصومين غدًا، قلت: لا، قال: فأفطري) رواه البخاري (3)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"أهدي لنا حيس (4)، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أهدي لنا حيس، فقال: أدنيه فأكل، ثم قال: إني كنت صائمًا" رواه مسلم (5)، وعن أم هانئ (6) رضي الله عنها قالت:"لما كان يوم الفتح أحضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم إناء فيه شراب فشرب، ثم ناولني [12/ب] فشربت/ منه، ثم قلت: أفطرت، وكنت صائمة، فقال: "كنت تقضين شيئًا، قلت: لا، قال: فلا يضرك إذا كان تطوعًا" رواه الإمام أحمد (7). وأبو داود (8).
(1) انظر المسألتين في: الهداية، 1/ 86، الكافي، 1/ 364 - 365، الإقناع، 1/ 319، منتهى الإرادات، 1/ 227.
(2)
هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب الخزاعية، المصطلقية، سبيت في غزوة المريسيع سنة خمس أو ست من الهجرة، وكان اسمها برة، فغيره صلى الله عليه وسلم وتزوجها.
توفيت سنة 50 أو 56 هـ رضي الله عنها.
انظر: السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين، ص، 99، أسد الغابة، 5/ 419، الإصابة، 8/ 43.
(3)
في صحيحه، 1/ 340.
(4)
الحيس: طعام يتخذ من التمر والأقط والسمن.
انظر: النهاية في غريب الحديث، 1/ 467، القاموس المحيط، 2/ 209.
(5)
في صحيحه، 3/ 160.
(6)
هي فاختة أو هند أو فاطمة بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية، ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم، أسلمت يوم الفتح، وماتت بعد سنة 50 من الهجرة رضي الله عنها.
انظر: أسد الغابة، 5/ 624، سير أعلام النبلاء، 2/ 311، الإصابة، 8/ 287.
(7)
انظر: الفتح الرباني، 10/ 165.
(8)
في سننه، 2/ 329.
وفي رواية للدارقطني (1):
" إن كان قضاءً، فاقضي يومًا مكانه، وإن كان تطوعًا فإن شئت فاقضي، وإن شئت لا تقضي" وفي رواية للإمام أحمد "فقال لها: الصائم المتطوع أمير نفسه ".
فإن قيل: الفتح كان في رمضان، فكيف شرب النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف قالت: كنت متطوعة؟ هذا يوجب الطعن في هذا الحديث.
فالجواب: أن يوم الفتح يقال على مدة إقامتهم بمكة، وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى أيام في شوال، وهذا وقع في شوال (2).
وهذا بخلاف الحج والعمرة، فإن الله تعالى قال:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (3) وهو عام في الفاسد والصحيح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من كُسِرَ أو عَرِجَ فقد حلَّ، وليحج من قابل" رواه النسائي (4).
قلت: وروي عن ابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس رضي الله عنهم: " أنهم أمروا
(1) في سننه، 2/ 174 - 175، والترمذي في سننه، 3/ 109، وقال: في إسناده مقال، والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، والحاكم في المستدرك، 1/ 439، وقال: صحيح الإسناد، وواففه الذهبي.
وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين، 2/ 331: إسناده حسن.
وقال النووي في المجموع، 6/ 456: إسناده جيد.
وقال في بلوغ الأماني، 10/ 166: كثرة طرق الحديث يعضد بعضها بعضًا.
وقال الألباني في تعليقه على مشكاة المصابيح، 1/ 642: إسناده جيد.
(2)
انظر ذكر بقاء النبي صلى الله عليه وسلم بمكة إلى شوال في: فتح الباري، 8/ 4، البداية والنهاية، 4/ 359.
(3)
سورة البقرة، الآية (196).
(4)
في سننه، 5/ 198، وأبو داود في سننه، 2/ 173، والترمذي في سننه، 3/ 277، وقال: حسن صحيح، وابن ماجة في سننه، 2/ 194، وأحمد في مسنده كما في الفتح الرباني، 13/ 3، والحاكم في المستدرك، 1/ 470، وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي.
مفسد حجه بإتمامه، وقضائه " رواه عنهم الأثرم (1) في سننه (2).
قال أبو محمد (3) في المغني (4): ولا يعرف لهم (5) مخالف، فيكون إجماعًا.
وأيضًا: فإن الصوم والصلاة يخرج منهما بالفساد، فلا يلزم إتمام نفلهما وقضاؤه، كالاعتكاف (6).
(1) هو أبو بكر أحمد بن محمد بن هاني الطائي، الأثرم، الإمام، الحافظ، تتلمذ على الإمام أحمد، وروى عنه مسائل كثيرة، وقد اشتهر بذكائه، وفطنته، صنف:"العلل "، و" السنن "، وغيرها.
وتوفي سنة 261 هـ رحمه الله.
انظر طبقات الحنابلة، 1/ 66، سير أعلام النبلاء، 12/ 623، شذرات الذهب، 2/ 141.
(2)
ورواه البيهقي في السنن الكبرى، 5/ 167، وقال: إسناده صحيح، والحاكم في المستدرك، 2/ 65، وقال: حديث ثقات رواته حفاظ، ووافقه الذهبي، وصححه في إرواء الغليل، 4/ 233.
(3)
هو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، الدمشقي، الحنبلي، الإمام المشهور، له مصنفات كثيرة في فنون متنوعة، تزيد مصنفاته على الثلاثين من أشهرها:"المغنى"، و"الكافي "، و" المقنع "، و"العمدة" في الفقه، و"روضة الناظر" في أصول الفقه.
ولد بجماعيل سنة 541 هـ، وتوفي بدمشق سنة 620 ص رحمه الله.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة، 2/ 133، سير أعلام النبلاء، 22/ 165، المقصد الأرشد، 2/ 15.
(4)
3/ 334، ونص قوله:(ولم نعلم لهم في عصرهم مخالفًا).
(5)
في الأصل (له) والتصويب من المغني، 3/ 334.
(6)
لما روى البخاري في صحيحه، 1/ 348 عن عائشة (أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتكف فأذن لها، فضربت فيه قبة، فسمعت بها حفصة فضربت قبة، وسمعت زينب بها فضربت قبة أخرى، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد أبصر أربع قباب، فقال: ما هذا؟ فأخبر خبرهن، فقال: ما حملهن على هذا؟ آلبرُّ؟ انزعوها فلا أراها، فنزعت فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوال).
قال في المغني، 3/ 185: (فإن النبي صلى الله عليه وسلم ترك اعتكافه ولو كان واجبًا لما تركه، وأزواجه تركن الاعتكاف بعد نيته، وضرب أبنيتهن له، ولم يوجد عذر يمنع فعل الواجب، ولا أمرن بالقضاء، وقضاء النبي صلى الله عليه وسلم له لم يكن واجبًا عليه، وإنما فعله تطوعًا
…
لأن قضاء السنن مشروع).