الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني الحالة الثقافية
ويشتمل على
تمهيد
، وثلاثة مطالب:
* المطلب الأول: المراكز العلمية.
* المطلب الثاني: مشاهير العلماء ببغداد.
* المطلب الثالث: الصلات العلمية بين بغداد وغيرها من مدن الإسلام العلمية.
تمهيد:
على الرغم مما أصاب العراق، وبغداد على وجه الخصوص، من جراء الغزو التتاري من الدمار والخراب، مما نتج عنه قتل مئات الألوف من أهلها، وفيهم كبار العلماء، ورواد الثقافة والمعرفة، وهدم الكثير من المساجد، وتعطيل المعاهد والمدارس، ودور العلم، ومحي كثير منها، وأتلفت كتب علمية عظيمة، وألقي كثير منها في نهر دجلة حتى تغير الماء فيه من مادة الكتابة أيامًا، وقضي على الكثير من معالم الثقافة، وصروح المعرفة (1)، ومع ذلك فإن من العناية الإلهية، والألطاف الربانية أن ذلك لم يدم طويلًا، إذ بعد عام واحد تقريبًا من سقوط بغداد بدأت الحياة العلمية، والحركة الثقافية تعود إلى بغداد، بفضل الله تعالى، ثم بعناية (عماد الدين عمر القزويني) لما عين واليًا على العراق نيابة عن الأمير المغولي (قرابغا) فقام بعمارة ما انهدم من المساجد، والمدارس، والربط وترميم ما خرب منها، وشجع العلماء وطلاب
(1) سبقت الإشارة إلى ذلك موثقًا في الكلام على الحالة السياسية.
العلم على إحياء العلوم، ونشر الثقافة، وقرر لهم الرواتب، وأفاض عليهم العطايا، وكانت له في ذلك آثار حسنة، وأعمال جليلة (1). وفي هذا يقول العلامة المؤرخ ابن الفوطي الحنبلي (ت 723 هـ) في ترجمة الوالي المذكور:(لما أنفذ الله قضاءه وقدره، وقتل الخليفة، وخربت بغداد، وأحرق الجامع وعطلت بيوت العبادات، تداركهم الله بلطفه فأتاح لهم عناية (عماد الدين) فقدمها وعمَّر المساجد والمدارس، ورمم المشاهد والربط، وأجرى الجرايات في وقوفها للعلماء، والفقهاء، والصوفية، وأعاد رونق الإسلام بمدينة السلام، وفضَّ على الأئمة الخيرات) (2). وقال عن الوالي المذكور أيضًا (ثم فتح المدارس والربط، وأثبت الفقهاء، والصوفية، وأدر عليهم الأخباز والمشاهرات)(3)، وقد أثني على هذا الوالي ومدح كثيرًا، ومن ذلك ما قاله شمس الدين الهاشمي الكوفي في قصيدته التي نظمها بمدحه:
يا ذا العلا يا عمادالدين يا ملكًا
…
لعدله سيرة تسمو على السير
لما اصطفاك لهذا الدين منزله
…
جبرت منا ومنه كل منكسر
جمعت عدلًا ومعروفًا ومعرفة
…
والعدل ما زال منسوبًا إلى عمر (4)
ومما يؤكد عودة الحياة العلمية إلى بغداد بعد سنة من سقوطها، ما ذكره ابن الفوطي: أن الدراسة بالمدرسة المستنصرية - وهي أعظم مدارس بغداد - استؤنفت في عام (657 هـ)(5)، كما استؤنفت الدراسة بالمدرسة النظامية في شهر صفر من عام (658 هـ)(6)، واستؤنفت الدراسة في المدارس الأخرى بعد
(1) انظر: تاريخ علماء المستنصرية، 1/ 34، الحياة الفكرية في العراق، ص، 109.
(2)
تلخيص مجمع الآداب، ج 4، قسم 2، ص، 801.
(3)
الحوادث الجامعة، ص، 333.
(4)
انظر: تلخيص مجمع الآداب، ج 4، قسم 2، ص، 801 - 802، تاريخ علماء المستنصرية، 1/ 34.
(5)
انظر: تلخيص مجمع الآداب، ج 4، قسم 2، ص، 819، تاريخ علماء المستنصرية، 1/ 35.
(6)
انظر: تلخيص مجمع الآداب، ج 4، قسم 1، ص، 314، تاريخ علماء المستنصرية، 1/ 35.