الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التاريخ الإسلامي منذ فجر الإسلام، حيث كان العلماء يعقدون بها حلقات دروسهم العلمية، وكانت بغداد - في ذلك العصر - عامرة بالمساجد الكثيرة، يدل على ذلك ما ذكره الرحالة ابن بطوطة: أنه كان في بغداد حين زيارته لها سنة (727 هـ) أحد عشر مسجدًا جامعًا تقام فيه الجمعة، وأن المساجد التي لا تقام فيها الجمعة كثيرة جدًا (1)، وقد كانت هذه المساجد أحد مراكز التعليم الرئيسية في بغداد، حيث تقام فيها الدروس العلمية، ويتصدى للتدريس فيها مشاهير العلماء، وأعيانهم، يدل على ذلك ما ذكره الرحالة ابن بطوطة أثناء زيارته لبغداد سنة (727 هـ) أنه قرأ مسند الدارمي على محدث العراق الحافظ الكبير العلامة عمر بن علي القزويني الشافعي (ت 750 هـ) في جامع الخليفة بالجانب الشرقي من بغداد (2)، كما ذكر العلامة أبن رجب أن محدث بغداد في زمنه: العلامة جمال الدين عبد الصمد بن خليل الخضري الحنبلي (ت 765 هـ)، كان يحدث بمسجد يانس، كما ذكر أيضًا: أنه خلفه في التحديث بالمسجد المذكور العلامة المحدث نور الدين محمد بن محمود الحنبلي (ت 766 هـ)(3)، كما ذكر مؤلف كتاب "الحياة الفكرية في العراق في القرن السابع" عددًا كثيرًا من المساجد التي كانت تعقد فيها دروس علمية في القرن السابع ببغداد، مشيرًا إلى أسماء بعض العلماء الذين كانوا يتولون التدريس فيها، ثم قال بعد ذلك:(واستمرت الحال على ذلك إلى نهاية القرن السابع الهجري وما بعده)(4).
ثانيًا: المدارس:
حفلت بغداد منذ أواسط القرن الخامس الهجري بعددٍ كبيرٍ من المدارس التي كان لها أثر كبير في نشاط الحركة الثقافية، وازدهار العلوم والمعارف بها، وأول ما أنشئت المدارس في بغداد سنة (459 هـ)، حيث أنشئ في هذا
(1) انظر: رحلة ابن بطوطة، 1/ 166.
(2)
انظر: المصدر السابق، 1/ 168.
(3)
انظر: ذيل طبقات الحنابلة، 2/ 413 - 414.
(4)
الحياة الفكرية في العراق، ص، 207.
العام مدرستان هما: مدرسة أبي حنيفة، والمدرسة النظامية (1)، ثم ازداد عدد المدارس بها حتى بلغت في عام (580 هـ) ثلاثين مدرسة، كما ذكر ذلك الرحالة ابن جبير عند زيارته لها في السنة المذكور بقوله: (والمدارس بها نحو الثلاثين، وهي كلها بالشرقية - الجهة الشرقية من بغداد - وما منها مدرسة إلا وهي يقصر القصر البديع عنها
…
ولهذه المدارس أوقاف عظيمة وعقارات محبسة، تتصير إلى الفقهاء المدرسين بها، ويجرون بها على الطلبة ما يقوم بهم، ولهذه البلاد في أمر هذه المدارس والمارستانات شرف عظيم، وفخر مخلد) (2).
وقد أنشئ ببغداد زمن الدولة العباسية (38) مدرسة (3)، وفي زمن الدولة المغولية (14) مدرسة (4)، هذا بالإضافة إلى دور العلم الكثيرة ببغداد، كدور القرآن، ودور الحديث (5) والكتاتيب، ومجالس المناظرات، والندوات الأدبية، وغير ذلك من المجالس العلمية (6).
وقد كان لهذه المدارس، ودور العلم أثر كبير في نشاط الحركة الثقافية ببغداد، وأزدهار العلوم والمعارف بها.
(1) انظر: الحياة الفكرية في العراق، ص، 214 - 215، المدارس الشرابية، ص، 117 - 118، العراق في التاريخ، 506 - 507.
(2)
رحلة ابن جبير، ص، 205.
(3)
انظر: تاريخ علماء المستنصرية، 2/ 390، المدارس الشرابية، ص، 117 وما بعدها، حيث أورد أسماء هذه المدارس وذكر نبذة يسيرة عن تاريخ كل مدرسة منها، وقد ذكر مؤلفا كتاب (دليل خارطة بغداد) ص، 247 (34) مدرسة فقط.
(4)
وهي: المدرسة الإمامية، والعلائية، والمرجانية، والإيكجية، والمسعودية، والفازانية، والعصمتية، والإسماعيلية، والجمالية، والوفائية، ومدرسة ابن قاضي دقوق، وجمال الدين العاقولي، وبهاء الدين الدنجلي، ومجد الدين ابن الأثير.
انظر: دليل خارطة بغداد، ص، 248 - 249، وقد ذكر الأستاذ ناجي معروف في كتابه "المدارس الشرابية" إحدى عشرة مدرسة فقط.
(5)
انظر أسماء كثيرة من دور القرآن والحديث ببغداد في: تاريخ علماء المستنصرية، 1/ 26، 2/ 551.
(6)
انظر: المدارس الشرابية، ص، 111، والحياة الفكرية في العراق، ص، 193، وما بعدها.