الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الديناران عليَّ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أَحِقَّ الغريمُ، وبرئ منهما الميتُ" قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم:"ما فعل الديناران؟ " فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: لقد قضيتهما. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الآن بردتّ عليه جلده"(1).
قال ابن قدامة عقب ذكر احتجاجهم بهذا الحديث أيضًا: "وهذا صريح في براءة المضمون عنه لقوله: (وبريء الميت منهما)، ولأنه دَيْنٌ واحد فإذا صار في ذمة ثانية برئت الأولى منه كالمحال به، وذلك لأن الدَّيْن الواحد لا يحل في محلين"(2). ثم شرع يستدل لقول الحنابلة كما سبق عنه في مستند نفي النزاع.
النتيجة:
عدم تحقق نفي النزاع في عدم براءة المضمون عنه ببراءة الضامن لخلاف من خالف من الفقهاء.
وجه الدلال أن الضامن برئ من الدين فتبعه المضمون عنه، والبراءة هنا في حق الدائن، لكن ليس في حق الضامن فيجوز له الرجوع على المضمون عنه بما دفعه كما سبق بيانه لكن الحديث يدل على أن أبا قتادة متبرع فسقط عن الميت الدين.
[77/ 11] مسألة: نفي النزاع على صحة ضمان المريض
.
إذا ضمن المريض أحدًا؛ صح ضمانه ولزمه ما يلزم الصحيح، وقد نفي النزاع في ذلك.
• من نفى النزاع: الإمام المرداوي ت 885 هـ، فقال:"قوله: (ولا يصح إلا من جائز التصرف). . . دخل في عموم كلام المصنف صحة ضمان المريض، وهو صحيح؛ فيصح ضمانه بلا نزاع"(3).
(1) رواه أحمد: المسند (3/ 330)، والمستدرك على الصحيحين:(2/ 66، رقم: 2346)، ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي، فقال:"صحيح".
(2)
المغني: (7/ 85)
(3)
الإنصاف: (5/ 144).
• الموافقون على نفي النزاع: وافق على نفي النزاع جمهور الفقهاء وأتباعهم: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
• مستند نفي النزاع: لأن الضمان تبرع، والمريض ليس من أهله (5).
النتيجة:
تحقق نفي النزاع على صحة ضمان المريض.
(1) مجمع الضمانات: (2/ 726)، وفيه:"إن ضمن في المرض ومات أخذ من تركته". قلت: وهذا إقرار من الحنفية بصحة ضمان المريض مادام لازمًا من تركته. وأصرح منه قول ابن نجيم في البحر الرائق: (6/ 224): "تصح كفالة المريض لكن من الثلث؛ لأنها تبرع". ومن معاني الضمان الكفالة. قال ابن عبد البر: "وأما الكفالة والحمالة وهما لفظتان معناهما الضمان"، الاستذكار:(7/ 217).
(2)
شرح ميارة: (1/ 193)، وفيه:"فلا يصح ضمان المحجور مطلقًا، ولا ضمان المريض أو الزوجة في الزائد على ثلثهما". قلت: وهذا يعني أنه يصح ضمانهما في الثلث وما دونه لا أكثر.
(3)
روضة الطالبين: (4/ 242)، وفيه:"وأما ضمان المريض فقال صاحب الحاوي هو مُعْتَبر من الثلث؛ لأنه تبرع. فإن كان عليه دين مستغرق فالضمان باطل، وإن خرج بعضه من الثلث صح فيه".
(4)
الإنصاف: (5/ 144)، وفيه قوله السابق في حكاية نفي النزاع، وفي آخره:"لكن إن مات في مرضه حسب ما ضمنه من ثلثه".
(5)
انظر: روضة الطالبين: (4/ 242)، والبحر الرائق:(6/ 224).