الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
عدم انعقاد الإجماع في هذه المسألة لخلاف من سبق.
[243/ 24] مسألة: الإفلاس لا يعجل الدين المؤجل
.
إذا أفلس إنسان مثلًا في أول عام، وعليه دين مؤجل إلى نصف العام أو نهايته؛ فإن هذا الدين لا يحل بإفلاسه، وقد نقل الإجماع على هذا.
• من نقل الإجماع: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ؛ فقال: "وأجمعوا على أن ما كان من دين للمفلس إلى أجل أن ذلك إلى أجله لا يحل بإفلاسه"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم على الإجماع على أن ديون المفلس المؤجلة لا تحل بإفلاسه: الحنفية (2)، والشافعية في الصحيح عندهم (3)، والحنابلة في رواية هي الأصح عندهم (4).
• مستند الإجماع:
1 -
لأن من عليه الدين المؤجل له أن يتصرف في الذمة؛ فلم يحل عليه الدين (5).
2 -
لأن استمرار التأجيل لا ينعدم به وجوب أصل الدين (6).
3 -
لأن الأجل هو حق من حقوق المفلس فلا يسقط بسبب فلسه كسائر حقوقه (7).
(1) الإجماع: (ص 59، رقم: 540).
(2)
الأشباه والنظائر لابن نجيم: (ص 392)، وفيه:"الأجل لا يحل قبل وقته إلا بموت المديون"، والمبسوط للسرخسي:(25/ 267).
(3)
المهذب: (1/ 322)، وفيه:"وإن حجر عليه وعليه دين مؤجل فهل يحل فيه قولان: أحدهما: يحل لأن الدين تعلق بالمال فحل الدين المؤجل كما لو مات. والثاني: لا يحل، وهو الصحيح"، والمجموع شرح المهذب:(13/ 287).
(4)
المغني: (6/ 566)، والشرح الكبير:(4/ 501)، وفيه:" (فإن كان فيهم من له دين مؤجل لم يحل، وعنه أنه يحل فيشاركهم) "، والإنصاف:(5/ 227).
(5)
المهذب: (1/ 322).
(6)
المبسوط للسرخسي: (25/ 267).
(7)
انظر هذا الدليل العقلي وما بعده: المغني: (6/ 566)، والشرح الكبير:(4/ 501).
4 -
لأن الإفلاس ليس سببًا لحلول ماله على الغير؛ فكذا لا يوجب حلول ما للغير عليه كالجنون والإغماء.
5 -
لأنه دين مؤجل على حي فلا يستوفى قبل أجله كغير المفلس.
• الخلاف في المسألة: خالف الإجماع في هذه المسألة: المالكية (1)، والشافعية في قول غير الصحيح عندهم (2)، والحنابلة في رواية (3)، فقالوا: تحل الديون المؤجلة عليه بفلسه.
• أدلة هذا الرأي: لأن الدين قد تعلق بالمال فحل الدين المؤجل كما في حال الموت (4).
النتيجة:
عدم انعقاد الإجماع على حلول الديون المؤجلة عند الإفلاس.
[244/ 25] مسألة: الاحتلام (5) من علامات البلوغ.
احتلام الصبي أو الصبية علامة من علامات البلوغ، وقد نقل الإجماع على هذا، كما نفي الخلاف فيه.
• من نقل الإجماع ونفى الخلاف: الإمام ابن المنذر ت 318 هـ؛ فقال: "وأجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل وعلى المرأة
(1) التلقين: (2/ 169)، وفيه:"فأما المفلس فإذا طلب غرماؤه أو بعضهم الحجر عليه فإن الحاكم يحجر عليه ويمنعه التصرف في ماله، وتحل الديون المؤجلة عليه بفلسه"، والذخيرة:(8/ 172)، والتاج والإكليل:(5/ 39).
(2)
المهذب: (1/ 322) وقد سبق نصه في القول الأول، والمجموع شرح المهذب:(13/ 287).
(3)
المغني: (6/ 566)، والشرح الكبير (4/ 501)، وقد سبق نصه في القول الأول، والإنصاف:(5/ 227).
(4)
المهذب: (1/ 322)، وانظر: الشرح الكبير: (4/ 501).
(5)
الاحتلام: "هو إنزال المني الدافق من رجل أو امرأة من نوم أو جماع أو غيرهما". الحاوي للماوردي: (6/ 343).
وفي المطلع: الاحتلام: إنزال المني ولو كان مستيقظًا ولو رأى في نومه أنه يجامع ولم ينزل لم يحكم ببلوغه. المطلع على أبوات المقنع: (ص 256).
بظهور الحيض منها" (1). الإمام ابن حزم ت 456 هـ؛ فقال "واتفقوا على أن من احتلم فرأى الماء من الرجال والنساء أو حاضت من النساء بعد أن تتجاوز خمسة عشر ويستكملا في قدهما (2) ستة أشبار وهما عاقلان فقد لزمتهما الأحكام. . " (3). الإمام الموفق ابن قدامة ت 620 هـ؛ فقال: ". . . فكيفما خرج [أي المني] من يقظة أو منام بجماع أو احتلام أو غير ذلك حصل به البلوغ لا نعلم في ذلك اختلافًا" (4). وقال أيضًا: "والبلوغ يحصل بأحد أسباب ثلاثة؛ أحدها، الاحتلام، وهو خروج المني من ذكر الرجل أو قبل الأنثى في يقظة أو منام. وهذا لا خلاف فيه" (5). الإمام شمس الدين الزركشي الحنبلي ت 772 هـ، فقال: "يعرف البلوغ بواحد من ثلاثة أشياء (أحدها) الاحتلام إجماعًا" (6).
الإمام ابن حجر ت 852 هـ؛ فقال: "أجمع العلماء على أن الاحتلام في الرجال والنساء يلزم به العبادات والحدود وسائر الأحكام"(7).
الإمام العيني، فقال:" (بلوغ الغلام بالاحتلام والإحبال والإنزال إذا وطئ) وهذا بالإجماع بلا خلاف، وكذلك بلوغ الجارية بالحيض، والاحتلام والحبل بالإجماع"(8).
الإمام ابن مفلح ت 884 هـ: "والبلوغ يحصل بالاحتلام، وهو خروج المني من القبل بغير خلاف"(9). الإمام المرداوي ت 885 هـ؛ فقال: " (والبلوغ يحصل بالاحتلام) بلا نزاع"(10).
• الموافقون على الإجماع ونفي الخلاف: وافق على الإجماع على البلوغ
(1) نقله عنه الموفق ابن قدامة في المغني (6/ 597).
(2)
القد: الطول وهو آله القياس. انظر لسان العرب: (3/ 343).
(3)
مراتب الإجماع: (ص 21).
(4)
المغني: (6/ 597).
(5)
المغني: (13/ 175).
(6)
شرح الزركشي (3/ 210).
(7)
فتح الباري: (5/ 277).
(8)
البناية شرح الهداية: (11/ 109).
(9)
المبدع شرح المقنع: (4/ 212).
(10)
الإنصاف: (5/ 237).
بالاحتلام جمهور فقهاء الأمصار وأتباعهم: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، والظاهرية (5).
• مستند الإجماع ونفي الخلاف:
1 -
قوله تعالى (6): {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59].
قال الإمام الشيرازي في معرض الاستدلال بهذه الآية: "فأمرهم بالاستئذان بعد الاحتلام، فدل على أنه بلوغ"(7).
2 -
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: 58](8).
3 -
قوله صلى الله عليه وسلم (9): "رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم"(10).
(1) المبسوط: (9/ 328)، وفيه: "أما البلوغ بالعلامة فالغلام بالاحتلام أو بالإحبال. . . وفي الجارية بالحيض أو بالحبل أو الاحتلام، ، والهداية مع شرحه البناية:(11/ 109).
(2)
التلقين: (2/ 168)، وفيه:"وحد البلوغ في الذكور ثلاث علامات، وفي النساء خمس. فالثلاثة التي يجتمعون فيها الاحتلام. . "، والكافي لابن عبد البر:(ص 118).
(3)
الحاوي للماوردي: (6/ 343)، والمهذب:(1/ 330)، وفيه:"فمتى أنزل صار بالغًا"، والمجموع شرح المهذب:(13/ 359).
(4)
المغني: (6/ 597)، وشرح الزركشي:(3/ 210)، والمبدع شرح المقنع:(4/ 212).
(5)
المحلى: (1/ 88)، وفيه:"والشرائع لا تلزم إلا بالاحتلام أو بالإنبات للرجل والمرأة أو بإنزال الماء الذي يكون منه الولد، وإن لم يكن احتلام، أو بتمام تسعة عشر عامًا، كل ذلك للرجل والمرأة أو بالحيض للمرأة".
(6)
انظر الاستدلال بهذه الآية: الحاوي للماوردي: (6/ 343)، والمهذب:(1/ 330)، والمغني:(6/ 597)، وشرح الزركشي:(3/ 210)، والمبدع شرح المقنع:(4/ 212).
(7)
المهذب: (1/ 330).
(8)
المغني: (6/ 597).
(9)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: الحاوي للماوردي: (6/ 343)، والمغني:(6/ 597)، وشرح الزركشي:(3/ 210)، والمبدع شرح المقنع:(4/ 212).
(10)
سبق تخريجه.
4 -
قول صلى الله عليه وسلم (1): "لا يتم بعد احتلام. "(2).
5 -
حديث معاذ (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم وجهه إلى اليمن أمره أن أخذ من كل حالم -عني محتلمًا- دينارًا" (4).
• الخلاف في المسألة: لم أقف على خلاف أحد في هذه المسألة.
النتيجة:
انعقاد الإجماع وتحقق نفي الخلاف في البلوغ بالاحتلام.
(1) انظر الاستدلال بهذا الحديث: المعني (13/ 175).
(2)
أبو داود: (3/ 115، رقم: 2873) كتاب الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليتم -حدثنا أحمد بن صالح ثنا يحيى بن محمد المديني ثنا عبد اللَّه بن خالد بن سعيد بن أبي مريم عن أبيه عن سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن رُقَيش؛ أنه ثم سمع شيوخًا من بني عمرو بن عوف ومن خاله عبد اللَّه بن أبي أحمد قال قال علي بن أبي طالب حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل". قلت: الحديث صحيح. إسناده متصل ورجاله ثقات. وقد سكت عنه أبو داود، وصححه الألباني.
(3)
انظر الاستدلال بهذا الحديث: المعني (13/ 175).
(4)
أبو داود: (3/ 167، رقم: 3038) كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في أخذ الجزية -حدثنا عبد اللَّه بن محمد النفيلي ثنا أبو معاوية عن الأعمش أبي وائل عن معاذ. . . الحديث، وفي آخره زيادة، وفي:(2/ 101، رقم: 1576) كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة- بالإسناد نفسه مطولًا، والترمذي:(3/ 20، رقم: 623) كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة البقر -حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن الأعمش بمثل حديث أبي داود في الموضع الثاني. قال الترمذي: هذا حديث حسن.
والنسائي في الكبرى: (2/ 11 - 12، رقم: 2230 - 2233) كتاب الزكاة، زكاة البقر -من طرق عن الأعمش بمثل حديث أبي داود في الموضع الثاني، وفي المجتبى:(5/ 25 - 26، رقم: 2450 - 2453) بطرق السنن الكبرى وألفاظها.
صحيح ابن خزيمة: (4/ 19، رقم: 2268) من طرق عن الأعمش بمثل حديث أبي داود في الموضع الثاني، وصحيح ابن حبان:(11/ 244، رقم: 4886) من طريق يحى بن عيسى عن الأعمش.
قلت: الحديث صحيح، إسناده متصل ورجاله ثقات. وقد حسنه الترمذي. وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه، وكذا ابن حبان، كما صححه الشيخ الألباني.